قلت : فالحكام اليوم عين الرّشا لا مَظِنّته، ولا حول ولا قوّة إلا بالله!. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٢ صـ ٣٤٠﴾
فائدة لغوية
الضمائر في مثل :﴿ولا تأكلوا أموالكم﴾ إلى آخر الآية عامة لجميع المسلمين، وفعل :﴿ولا تأكلوا﴾ وقع في حَيز النهي فهو عام، فأفاد ذلك نهياً لِجميع المسلمين عن كُل أَكل وفي جميع الأَمْوال، قلنا هنا جمعان جمع الآكلين وجمع الأموال المأكولة، وإذا تقابل جمعان في كلام العرب احتمل أن يكون من مقابلة كل فردٍ من أفراد الجمع بكل فردٍ من أفراد الجمع الآخَر على التوزيع نحو ركب القوم دوابهم وقوله تعالى :
﴿ وخذوا حذركم﴾ [النساء : ١٠٢] ﴿قوا أنفسكم﴾ [التحريم : ٦]، واحتمل أن يكون كذلك لكن على معنى أن كل فرد يقابل بفرد غيره لا بفرد نفسه نحو قوله :﴿ولا تلمزوا أنفسكم﴾ [الحجرات : ١١] وقوله ﴿فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم﴾ [النور : ٦١]، واحتمل أن يكون من مقابلة كل فرد بجميع الأفراد نحو قوله :﴿وقِهم السيئات﴾ [غافر : ٩]، والتعويل في ذلك على القرائن.
وقد علم أن هذين الجمعين هنا من النوع الثاني أي لا يأكل بعضهم مال بعض آخر بالباطل ؛ بقرينة قوله :﴿بينكم﴾ ؛ لأن بين تقتضي توسطاً خلال طرفين، فعُلم أن الطرفين آكل ومأكول منه والمال بينهما، فلزم أن يكون الآكل غيرَ المأكول وإلاّ لما كانت فائدة لقوله :﴿بينكم ﴾. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ١٩٢﴾
قوله تعالى :﴿وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
قال القرطبى :
﴿ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ أي بطلان ذلك وإثمه، وهذه مبالغة في الجرأة والمعصية. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٢ صـ ٣٤٠﴾
وقال ابن عرفة :
قوله تعالى :﴿وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
تنبيها على أنّ الجاهل لا يناله ذلك (أو) أنّ ذلك لايقع إلا على هذه الصفة فلا يقع من الجاهل بوجه. أ هـ ﴿تفسير ابن عرفة حـ ٢ صـ ٥٥٥﴾