فصل
قال الفخر :
﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (١٥) ﴾
فيه مسائل :
المسألة الأولى :
اعلم أن وجه المناسبة بين هذه القصة وبين ما قبلها من وجهين : الأول : أنه تعالى حكى عن الكفار إصرارهم على إنكار البعث حتى انتهوا في ذلك الإنكار إلى حد الاستهزاء في قولهم :﴿تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسرة﴾ [ النازعات : ١٢ ] وكان ذلك يشق على محمد ﷺ فذكر قصة موسى عليه السلام، وبين أنه تحمل المشقة الكثيرة في دعوة فرعون ليكون ذلك كالتسلية للرسول ﷺ الثاني : أن فرعون كان أقوى من كفار قريش وأكثر جمعاً وأشد شوكة، فلما تمرد على موسى أخذه الله نكال الآخرة والأولى، فكذلك هؤلاء المشركون في تمردهم عليك إن أصروا أخذهم الله وجعلهم نكالاً.
المسألة الثانية :
قوله :﴿هَل أَتَاكَ﴾ يحتمل أن يكون معناه أليس قد ﴿أَتَاكَ حَدِيثُ موسى﴾ هذا إن كان قد أتاه ذلك قبل هذا الكلام، أما إن لم يكن قد أتاه فقد يجوز أن يقال :﴿هَلُ أَتَاكَ﴾ كذا، أم أنا أخبرك به فإن فيه عبرة لمن يخشى.
المسألة الثالثة :
الوادي المقدس المبارك المطهر، وفي قوله :﴿طُوًى﴾ وجوه : أحدها : أنه اسم وادي بالشام وهو عند الطور الذي أقسم الله به في قوله :﴿والطور * وكتاب مُّسْطُورٍ﴾ [ الطور : ٢ ١ ] وقوله :﴿وناديناه مِن جَانِبِ الطور الأيمن﴾ [ مريم : ٥٢ ] والثاني : أنه بمعنى يا رجل بالعبرانية، فكأنه قال : يا رجل اذهب إلى فرعون، وهو قول ابن عباس والثالث : أن يكون قوله :﴿طُوًى﴾ أي ناداه ﴿طُوًى﴾ من الليلة ﴿اذهب إلى فِرْعَوْنَ﴾ لأنك تقول جئتك بعد ﴿طُوًى﴾ أي بعد ساعة من الليل والرابع : أن يكون المعنى بالوادي المقدس الذي طوى أي بورك فيه مرتين.
المسألة الرابعة :
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو ﴿طُوًى﴾ بضم الطاء غير منون، وقرأ الباقون بضم الطاء منوناً، وروي عن أبي عمرو.