وقال الفراء :
سورة ( النازعات )
﴿ وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً * وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً ﴾
وقوله عز وجل: ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً...﴾ إلى آخر الآيات.
ذكر أنه الملائكة، وأنّ النزع نزعُ الأنفس من صدور الكفار، وهو كقولك: والنازعات إغراقا، كما يُغرِق النازِع فى القوس، ومثله: ﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً...﴾. يقال: إنها تقبض نفس المؤمن كما يُنْشطُ العقال مِن البعير، والذى سمعت من العرب أن يقولوا: أنشَطتُ وكأنما أُنشِطَ من عقال، وربطها: نشطها، فإذا ربطتَ الحبلَ فى يد البعير فأنت ناشط، وإذا حللته فقد أنشطته، وأنت منشط.
﴿ وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً ﴾
وقوله عز وجل: ﴿وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً...﴾.
الملائكة أيضا، جعل نزولها من السماء كالسباحة. والعرب تقول للفرس الجواد [/ا] إنه لسابح: إذا مرَّ يتمطّى.
﴿ فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً ﴾
وقوله عز وجل: ﴿فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً...﴾.
وهى الملائكة تسبق الشياطين بالوحى إلى الأنبياء إذ كانت الشياطين تسترق السمع.
﴿ فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً ﴾
وقوله عز وجل: ﴿فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً...﴾.
هى الملائكة أيضا، تنزل بالحلال والحرام فذلك تدبيرها، وهو إلى الله جل وعز، ولكن لما نزلت به سميت بذلك، كما قال عز وجل: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ﴾، وكما قال: ﴿فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ﴾، يعنى: جبريل عليه السلام نزّله على قلب محمد صلى الله عليهما وسلم، والله الذى أنزله، ويسأل السائل: أين جواب القسم فى النازعات؟ فهو مما ترك جوابُه لمعرفة السامعين، المعنى وكأنه لو ظهر كان: لتبعثُنّ، ولتحاسبُنّ ؛ ويدل على ذلك قولهم: إذا كنا عظاما ناخرة
ألا ترى أنه كالجواب لقوله: لتبعثن إذ قالوا: إذا كنا عظاما نخرة نبعث.
﴿ يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ ﴾
وقوله عز وجل: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ...﴾.