أنَّ نسبتَها إلى نونِ العظمةِ في قولِه تعالى :﴿ وَلَقَدْ أريناه ءاياتنا ﴾ بالنظرِ إلى الحقيقةِ والمرادُ بالآية الكُبْرى قلبُ العصَا حيةً وهو قولُ ابن عباسٍ رضيَ الله عنهُمَا فإنَّها كانتِ المقدمةَ والأصلَ، والأُخْرَى كالتبعِ لهَا، أو هُمَا جَميعاً، وهو قَولُ مجاهدٍ فإنَّهما كالآيةِ الواحدةِ وقدْ عبرَ عنهُمَا بصيغةِ الجمعِ حيثُ قالَ :﴿ اذهب أَنتَ وَأَخُوكَ بئاياتى ﴾ باعتبار ما في تضاعيفهما من بدائع الأُمورِ التي كلٌّ منهَا آيةٌ بينةٌ لقومٍ يعقلونَ، كما مَرَّ تفصيلُه في سُورةِ طاه ولا مساغَ لحملها على مجموع معجزاتِه فإن ما عدا هاتين الآيتين من الآيات التسعِ إنما ظهرتْ على يدِه عليه الصلاةُ والسلامُ بعدَ مَا غلبَ السحرةِ على مهلٍ في نحوٍ من عشرينَ سنةً كما مرَّ في سورةِ الأعرافِ ولا ريبَ ف أنَّ هذا مطلعُ القصةِ وأمرُ السحرةِ مترقبٌ بعدُ ﴿ فَكَذَّبَ ﴾ بمُوسَى عليهِ السلامُ وسَمَّى معجزتَهُ سِحْراً ﴿ وعصى ﴾ الله عزَّ وجلَّ بالتمردِ بعدَ ما علَم صحةَ الأمرِ ووجوبَ الطاعةِ أشدَّ عصيانٍ وأقبحَهُ حيثُ اجترأَ على إنكارِ وجودِ ربِّ العالمينَ رَأْساً وكان اللعينُ وقومُه مأمورينَ بعبادتِه عزَّ وجلَّ وتركِ العظيمةِ التي كانَ يدَّعِيها الطاغيةُ ويقبلُها منهُ فئتُه الباغيةُ لا بإرسالِ بني إسرائيلَ من الأسرِ والقَسْرِ فقطْ.


الصفحة التالية
Icon