وقيل : لأنه يسهر في فلاتها خوفاً منها، فسميت بذلك، ومنه قول أبي كثير الهذلي :
يردون ساهرة كأنّ حميمها... وغميمها أسداف ليل مظلم
وقول أمية بن أبي الصلت :
وفيها لحم ساهرة وبحر... وما فاهوا به لهم مقيم
يريد لحم حيوان أرض ساهرة.
قال في الصحاح : الساهرة وجه الأرض، ومنه قوله :﴿ فَإِذَا هُم بالساهرة ﴾.
وقال : الساهرة أرض بيضاء، وقيل : أرض من فضة لم يعص الله سبحانه فيها.
وقيل : الساهرة الأرض السابعة يأتي بها الله سبحانه فيحاسب عليها الخلائق.
وقال سفيان الثوري : الساهرة أرض الشام.
وقال قتادة : هي جهنم، أي : فإذا هؤلاء الكفار في جهنم، وإنما قيل لها ساهرة ؛ لأنهم لا ينامون فيها لاستمرار عذابهم، وجملة :﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ موسى ﴾ مستأنفة مسوقة لتسلية رسول الله ﷺ عن تكذيب قومه، وأنه يصيبهم مثل ما أصاب من كان قبلهم ممن هو أقوى منهم، ومعنى ﴿ هل أتاك ﴾ : قد جاءك وبلغك، هذا على تقدير أن قد سمع من قصص فرعون وموسى ما يعرف به حديثهما، وعلى تقدير أن هذا أوّل ما نزل عليه في شأنهما، فيكون المعنى على الاستفهام أي : هل أتاك حديثه أنا أخبرك به.
﴿ إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بالواد المقدس طُوًى ﴾ الظرف متعلق ب ﴿ حديث ﴾ لا ب ﴿ أتاك ﴾ لاختلاف وقتيهما، وقد مضى من خبر موسى وفرعون في غير موضع ما فيه كفاية، وقد تقدّم الاختلاف بين القرّاء في ﴿ طوى ﴾ في سورة طه.
والواد المقدّس : المبارك المطهر.
قال الفراء :﴿ طوى ﴾ واد بين المدينة ومصر.
قال : وهو معدول من طاو كما عدل عمر من عامر.
قال : والصرف أحبّ إليّ إذ لم أجد في المعدول نظيراً له.
وقيل : طوى معناه يا رجل بالعبرانية، فكأنه قيل يا رجل اذهب، وقيل المعنى : إن الوادي المقدّس بورك فيه مرتين، والأوّل أولى.
وقد مضى تحقيق القول فيه.