وهى القيامة تطم على كل شىء، يقال: تَطِمُ وتطُمُّ لغتان.
﴿ فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾
وقوله تبارك وتعالى، ﴿فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى...﴾.
مأوى أهل هذه الصفة، وكذلك قوله: ﴿فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى...﴾.
مأوى مَن وصفناه بما وصفناه به من خوف ربه ونهيه [/ب] نفسه عن هواها.
﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ﴾
وقوله عز وجل: ﴿أَيَّانَ مُرْسَاهَا...﴾.
يقول القائل: إنما الإرساء للسفينة والجبال، وما أشبههن، فكيف وصفت الساعةُ بالإِرساءِ؟ قلت: هى بمنزلة السفينة إذا كانت جارية فرست، ورسوّها قيامها، وليس قيامها كقيام القائم على رجلِه ونحوه، إنما هو كقولك: قد قام العدل، وقام الحق، أى: ظهر وثبت.
﴿ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا ﴾
وقوله عز وجل: ﴿إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا...﴾.
أضاف عاصم والأعمش، ونوّن طلحة بن مصرف وبعض أهل المدينة، فقالوا: "منذرٌ من يخشاها"، وكلٌّ صواب وهو مثل قوله: "بَالِغٌ أَمْرِه"، و "بَالِغُ أمْرِه" و "مُوهِنٌ كَيْدَ الْكافِرِين" و ﴿موهنُ كيدِ الكَافرِينَ﴾ مع نظائر له فى القرآن.
﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ﴾
وقوله تبارك وتعالى: ﴿إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا...﴾.
يقول القائل: وهل للعشى ضحا؟ إنما الضحا لصدر النهار، فهذا بيّن ظاهر من كلام العرب أن يقولوا: آتيك العشية أو غداتها، وآتيك الغداة أو عشيتها. تكون العشية فى معنى: آخِر، والغداة فى معنى: أول، أنشدنى بعض بنى عقيل:
نحن صبحنا عامراً فى دارها * عشية الهلال أو سَرارِها
أراد عشية الهلال أو عشية سَرار العشية، فهذا أسد من آتيك الغداة أو عشيتها. أ هـ ﴿معانى القرآن / للفراء حـ ٣ صـ ٢٣٠ ـ ٢٣٤﴾