فصل
قال الفخر :
﴿ أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧) ﴾
ثم اعلم أنه تعالى لما ختم هذه القصة رجع إلى مخاطبة منكري البعث، فقال :﴿أأنتم أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السماء﴾ وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :
في المقصود من هذا الاستدلال وجهان الأول : أنه استدلال على منكري البعث فقال :﴿أأنتم أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السماء﴾ فنبههم على أمر يعلم بالمشاهدة.
وذلك لأن خلقة الإنسان على صغره وضعفه، إذا أضيف إلى خلق السماء على عظمها وعظم أحوالها يسير، فبين تعالى أن خلق السماء أعظم، وإذا كان كذلك فخلقهم على وجه الإعادة أولى أن يكون مقدوراً لله تعالى فكيف ينكرون ذلك ؟ ونظيره قوله :﴿أَوَلَيْسَ الذي خَلَقَ السموات والأرض بقادر على أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم﴾ [ يس : ٨١ ] وقوله :﴿لَخَلْقُ السموات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس﴾ [ غافر : ٥٧ ] والمعنى أخلقكم بعد الموت أشد أم خلق السماء أي عندكم، وفي تقديركم، فإن كلا الأمرين بالنسبة إلى قدرة الله واحد والثاني : أن المقصود من هذا الاستدلال بيان كونهم مخلوقين، وهذا القول ضعيف لوجهين أحدهما : أن من أنكر كون الإنسان مخلوقاً فبأن ينكر ( ه ) في السماء كان أولى وثانيهما : أن أول السورة كان في بيان مسألة الحشر والنشر، فحمل هذا الكلام عليه أولى.
المسألة الثانية :
قال الكسائي والفراء والزجاج : هذا الكلام تم عند قوله :﴿أَمِ السماء ﴾.