مؤثراً سوى الواحد، فهذا جملة ما في هذا الباب.
واعلم أنه تعالى لما بين في السماء أنه بناها، بين بعد ذلك أنه كيف بناها، وشرح تلك الكيفية من وجوه :
أولها : ما يتعلق بالمكان، فقال تعالى :﴿رَفَعَ سَمْكَهَا ﴾.
واعلم أن امتداد الشيء إذا أخذ من أعلاه إلى أسفله سمي عمقاً، وإذا أخذ من أسفله إلى أعلاه سمي سمكاً، فالمراد برفع سمكها شدة علوها حتى ذكروا أن ما بين الأرض وبينها مسيرة خمسمائة عام، و ( قد ) بين أصحاب الهيئة مقادير الأجرام الفلكية وأبعاد ما بين كل واحد منها وبين الأرض.
وقال آخرون : بل المراد : رفع سمكها من غير عمد.
وذلك مما لا يصح إلا من الله تعالى.
الصفة الثانية : قوله تعالى :﴿فَسَوَّاهَا﴾ وفيه وجهان الأول : المراد تسوية تأليفها، وقيل : بل المراد نفي الشقوق عنها، كقوله :﴿مَّا ترى فِى خَلْقِ الرحمن مِن تفاوت﴾ [ الملك : ٣ ] والقائلون بالقول الأول قالوا :﴿فَسَوَّاهَا﴾ عام فلا يجوز تخصيصه بالتسوية في بعض الأشياء، ثم قال هذا يدل على كون السماء كرة، لأنه لو لم يكن كرة لكان بعض جوانبه سطحاً، والبعض زاوية، والبعض خطاً، ولكان بعض أجزائه أقرب إلينا، والبعض أبعد، فلا تكون التسوية الحقيقة حاصلة، فوجب أن يكون كرة حتى تكون التسوية الحقيقة حاصلة، ثم قالوا لما ثبت أنها محدثة مفتقرة إلى فاعل مختار، فأي ضرر في الدين ينشأ من كونها كرة ؟.
وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (٢٩)
الصفة الثالثة : قوله تعالى :﴿وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضحاها﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية
Icon