هذا ويوجد لهذه الآية معان كثيرة غير ما ذكرنا لا حاجة لإثباتها اكتفاء بما نقلناه "فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً" ٥ من أمور العباد مما يعود لدينهم ودنياهم كما رسمه اللّه لهم، والوقف على كلمة أمرا لازم، لأن وصله بما بعده يصيّر كلمة "يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ" ٦ بسبب نفخ الملك بالصور النفخة الأولى إذ يضطرب لها كل شيء ويموت فيها جميع الخلق عدا من استثنى اللّه.
ظرفا (للمدبرات) مع أنه قد انقضى التدبير، تدبر "تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ" ٧ النفخة الثانية فيحيا بها كل شيء مات من أول الدنيا لآخرها من قبل النفخة الأولى وفيها وما بعدها.
وقد أقسم اللّه تعالى في هؤلاء الملائكة الكرام تبجيلا لشأنهم، وله أن يقسم بمن وما شاء من خلقه، أو لكثرة منافعهم بالنسبة لنا.
وجواب القسم محذوف تقديره لتبعثن بعد الموت أيها الناس، وهو جواب لمنكري البعث من الكفار.
وأعلم أن الخلائق تنقسم في ذلك اليوم المهول قسمين وقد بينهما بقوله جل قوله "قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ" ٨ خائفة قلقة وجلة "أَبْصارُها خاشِعَةٌ" ٩ ذليلة حقيرة خاضعة "يَقُولُونَ" أصحاب هذه القلوب والأبصار في الدنيا إذا قيل لهم أنكم مبعوثون بعد الموت "أَ إِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ" ١٠ أي الحالة الأولى كما كنا أول مرة أحياء إنكارا وتكذيبا وسخرية، يقال لمن كان في أمر فخرج منه ثم عاد إليه رجع إلى حافرته وعليه قوله :
أحافرة على صلع وشيب معاذ اللّه من سفه وعار
ثم حكى اللّه أقوالهم في الدنيا بقوله عز قوله "أَ إِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً" ١١ زيادة في الإنكار والجحود والاستهزاء واستعظاما، أي كيف نردّ للحياة بعد أن آل أمرنا إلى ذلك "قالُوا" مستكبرين أمر إعادتهم "تِلْكَ إِذاً" إن صحت الرجعة فهي "كَرَّةٌ خاسِرَةٌ" ١٢ نغين فيها لتكذيبنا إياها.
قال تعالى "فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ" ١٣ نفخة لا تكرار فيها للإماتة وواحدة للإحياء