قوله تعالى ﴿ وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (١) وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا (٢) وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا (٣) فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا (٤) فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا (٥) يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (٦) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (٧) قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ (٨) أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ (٩) يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (١٠) أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً (١١) قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (١٢) فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (١٤) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
( بسم الله ) الظاهر الباطن الملك العلام ( الرحمن ) الذيي عم بالإنعام ( الرحيم ) الذي خص أهل ولايته بالتمام، فاختصوا بالإكرام في دار السلام.
لما ذكر سبحانه يوم يقوم الروح ويتمنى الكافر العدم، أقسم أول هذه بنزع الأرواح على الوجه الذي ذكره بأيدي الملائكة عليهم السلام على ما يتأثر عنه من البعث وساقه على وجه التأكيد بالقسم لأنهم به مكذبون فقال تعالى :﴿والنازعات﴾ أي من الملائكة - كما قال علي وابن عباس ـ رضى الله عنه ـ م - للأرواح ولأنفسها من مراكزها في السماوات امتثالاً للأوامر الإليهة ﴿غرقاً﴾ أي إغراقاً بقوة شديدة تغلغلاً إلى أقصى المراد من كل شيء من البدن حتى الشعر والظفر والعظم كما يغرق النازع في القوس فيبلغ أقصى المدّ، وكان ذلك لنفوس الكفار والعصاة كما ينزع السفود وهو الحديدة المتشعبة المتعاكسة الشعب من الصوف المبلول، وعم ابن جرير كما هي عادته في كل ما يحتمله اللفظ فقال : والصواب أن يقال : إن الله تعالى لم يخصص، فكل نازعة داخلة في قسمه - يعني الاعتبار بما آتاها الله من القدرة على ذلك النزع الدالة على تمام الحكمة والاقتدار على ما يريده سبحانه.