﴿ فَأَمَّا مَن طغى ﴾ الخ جواب ﴿ إذا ﴾ على أنها شرطية لا ظرفية كما جوز على طريقة قوله تعالى :﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّى هُدِىَ ﴾ [ البقرة : ٣٨ ] الآية وقولك إذا جاءك بنو تميم فاما العاصي فاهنه وأما الطائع فاكرمه واختاره أبو حيان وقيل جوابها محذوف كأنه قيل فإذا جاءت وقع ما لا يدخل تحت الوصف وقوله سبحانه :﴿ فَأَمَّا ﴾ الخ تفصيل لذلك المحذوف وفي جعله جواباً غموض وهو وجه وجيه بيد أنه لا غموض في ذاك بعد تحقق استقامة أن يقال فإذا جاءت فإن الطاغي الجحيم مأواه وغيره في الجنة مثواه وزيادة أما لم تفد إلا زيادة المبالغة وتحقيق الترتيب والثبوت على كل تقدير وقيل هو محذوف لدلالة ما قبل والتقدير ظهرت الأعمال ونشرت الصحف أو يتذكر الإنسان ما سعى أو لدلالة ما بعد والتقدير انقسم الراؤن قسمين وليس بذاك أي فأما من عتا وتمرد عن الطاعة وجاوز الحد في العصيان حتى كفر.
وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٣٨)
﴿ وَءاثَرَ ﴾ أي اختار ﴿ الحياة الدنيا ﴾ الفانية التي هي على جناح الفوات فانهمك فيما متع به فيها ولم يستعد للحياة الآخرة الأبدية بالايمان والطاعة.
﴿ فَإِنَّ الجحيم ﴾ التي ذكر شأنها ﴿ هِىَ المأوى ﴾ أي مأواه على ما رآه الكوفيون من أن ال في مثله عوض عن المضاف إليه الضمير وبها يحصل الربط أو المأوى له على رأي البصريين من عدم كونها عوضاً ورابطاً وهذا الحذف هنا للعلم بأن الطاغي هو صاحب المأوى وحسنه وقوع المأوى فاصلة وهو الذي اختاره الزمخشري.
وهي أما ضمير فصل لا محل له من الإعراب أو ضمير جهنم مبتدأ والكلام دال على الحصر أي كأنه قيل فإن الجحيم هي مأواه أو المأوى له لا مأوى له سواها.


الصفحة التالية
Icon