وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الساعة أَيَّانَ مُرْسَاهَا ﴾
قال ابن عباس : سأل مشركو مكة رسول الله ﷺ متى تكون الساعة استهزاء، فأنزل الله عز وجل الآية.
وقال عُروة بن الزبير في قوله تعالى :﴿ فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا ﴾ ؟ لم يزل النبي ﷺ يسأل عن الساعة، حتى نزلت هذه الآية ﴿ إلى رَبِّكَ مُنتَهَاهَآ ﴾.
ومعنى "مُرْساها" أي قيامُها.
قال الفرّاء : رُسُوُّها قيامها كرسوّ السفينةِ.
وقال أبو عبيدة : أي منتهاها، ومرسى السفينة حيث تنتهي.
وهو قول ابن عباس.
الربيع بن أنس : متى زمانها.
والمعنى متقارب.
وقد مضى في "الأعراف" بيان ذلك.
وعن الحسن أن رسول الله ﷺ قال :" لا تقوم الساعة إلا بغَضْبة يغضَبُها ربك " "فِيم أنت مِن ذِكراها" أي في أي شيء أنت يا محمد من ذكر القيامة والسؤال عنها؟ وليس لك السؤال عنها.
وهذا معنى ما رواه الزُّهْرِيّ عن عُروة بن الزُّبير قال :
لم يزل النبيُّ ﷺ يسأل عن الساعة حتى نزلت ﴿ فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا ﴾ ﴿ إلى رَبِّكَ مُنتَهَاهَآ ﴾ أي منتهى علمها ؛ فكأنه عليه السلام لما أكثروا عليه سأل الله أن يعرفه ذلك، فقيل له : لا تسأل، فلست في شيء من ذلك.
ويجوز أن يكون إنكاراً على المشركين في مسألتهم له ؛ أي فيم أنت من ذلك حتى يسألوك بيانَه، ولست ممن يَعلَمه.
رُوِي معناه عن ابن عباس.
والذكْرَى بمعنى الذكر.
﴿ إلى رَبِّكَ مُنتَهَاهَآ ﴾ أي منتهى علمها، فلا يُوجَد عند غيره عِلم الساعة ؛ وهو كقوله تعالى :﴿ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي ﴾ [ الأعراف : ١٨٧ ] وقوله تعالى :﴿ إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ الساعة ﴾ [ لقمان : ٣٤ ].
﴿ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا ﴾.


الصفحة التالية
Icon