إما تقرير وتأكيد لما ينبىء عنه الإنذار من سرعة مجيء المنذر به لا سيما على الوجه الثاني والمعنى كأنه يوم يرونها لم يلبثوا بعد الإنذار إلا قليلاً وأما رد لما أدمجوه في سؤالهم فإنهم كانوا يسألون عنها بطريق الاستبطاء مستعجلين بها وإن كان على نهج الاستهزاء بها ﴿ ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ﴾ [ يونس : ٤٨ ] والمعنى كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا بعد الوعيد بها إلا عشية الخ وهذا الكلام على ما نقل عن الزمخشري له أصل وهو لم يلبثوا إلا ساعة من نهار عشيته أو ضحاها فوضع هذا المختصر موضعه وإنما أفادت الإضافة ذلك كما في "الكشف" من حيث أنك إذا قلت لم يلبثوا إلا عشية أو ضحى احتمل أن تكون العشية من يوم والضحى من آخر فيتوهم الاستمرار من ذلك الزمان إلى مثله من اليوم الآخر أما إذا قلت عشيته أو ضحاها لم يحتمل ذلك البتة وفي قولك ضحى تلك العشية ما يغني عن قولك عشية ذلك النهار أو ضحاه وقال الطيبي أنه من المحتمل أن يراد بالعشية أو الضحى كل اليوم مجازاً فلما أضيف أفاد التأكيد ونفى ذلك الاحتمال وجعله من باب رأيته بعيني وهو حسن ولكن السابق أبعد من التكلف ولا منع من الجمع وزاد الإضافة حسناً كون الكلمة فاصلة واعتبر جمع كون اللبث في الدنيا وبعضهم كونه في القبور وجوز كونه فيهما واختار في الإرشاد ما قدمنا وقال إن الذي يقتضيه المقام اعتبار كونه بعد الإنذار أو بعد الوعيد تحقيقاً للإنذار ورداً لاستبطائهم والجملة على الوجه الأول حال من الموصول كأنه قيل تنذرهم مشبهين يوم يرونها في الاعتقاد بمن لم يلبث بعد الإنذار بها إلا تلك المدة اليسيرة وعلى الثاني مستأنفة لا محل لها من الإعراب هذا ولا يخفى عليك أن الوجه الثاني وإن كان حسناً في نفسه لكنه مما لا يتبادر إلى الفهم وعليه يحسن الوقف على ﴿ فيم ﴾ ثم يستأنف ﴿ أنت من ذكراها ﴾ [ النازعات : ٤٣ ] لئلا يلبس وقيل إن قوله تعالى :﴿ فِيمَ ﴾ الخ متصل بسؤالهم على أنه بدل


الصفحة التالية
Icon