﴿ مُّطَهَّرَةٍ ﴾ قال الحسن : من كل دنس.
وقيل : مصانة عن أن ينالها الكفار.
وهو معنى قول السُّدّيّ.
وعن الحسن أيضاً : مطهّرة من أن تنزل على المشركين.
وقيل : أَي القرآن أثبت للملائكة في صحف يقرؤونها فهي مكرمة مرفوعة مطهرة.
﴿ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ﴾ أي الملائكة الذين جعلهم الله سفراء بينه وبين رسله، فهم بررة لم يتدنسوا بمعصية.
ورَوى أبو صالح عن ابن عباس قال : هي مطهرة تجعل التطهير لمن حملها ﴿ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ﴾ قال : كَتَبةٍ.
وقاله مجاهد أيضاً.
وهم الملائكة الكرام الكاتبون لأعمال العباد في الأسفار، التي هي الكتب، واحدهم : سافر ؛ كقولك : كاتب وكَتَبة.
ويقال : سَفَرْتُ أي كتبتُ، والكتاب : هو السفر، وجمعه أسفار.
قال الزجاج : وإنما قيل للكتاب سِفْر، بكسر السين، وللكاتب سافر ؛ لأن معناه أنه يبين الشيء ويوضحه.
يقال : أسفر الصبح : إذا أضاء، وسَفَرتِ المرأة : إذا كشفت النقاب عن وجهها.
قال : ومنه سَفَرْت بين القومِ أَسْفِر سفارة : أصلحت بينهم.
وقاله الفراء، وأنشد :
فما أدَعُ السِّفارةَ بينَ قومِي...
ولا أَمشِي بغِشٍّ إن مَشَيْتُ
والسفير : الرسول والمصلح بين القوم، والجمع : سفراء، مثل فقيه وفقهاء.
ويقال للورّاقين سُفَراءُ، بلغة العِبرانية.
وقال قتادة : السَّفَرة هنا : هم القُرّاء، لأنهم يقرؤون الأسفار.
وعنه أيضاً كقول ابن عباس.
وقال وهب بن مُنَبّه :"بِأيدِي سَفَرةٍ.
كِرامٍ بَررَةٍ" هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن العربيّ : لقد كان أصحاب رسول الله ﷺ سَفَرةً، كِراماً بَرَرَة، ولكن ليسوا بمرادفين بهذه الآية، ولا قاربوا المرادِين بها، بل هي لفظة مخصوصة بالملائكة عند الإطلاق، ولا يشاركُهم فيها سواهم، ولا يدخل معهم في مُتناولها غيرهم.