لا يجوزُ فكيفَ إذا كان مقطوعاً بالتزكِّي كما في قولِك : لعلَّك ستندمُ على ما فعلتَ وفيه إشارةٌ إلى أنَّ من تصدَّى لتزكيتهم من الكفرة لا يُرجى منهم التزكِّي والتذكُّرِ أصلاً.
وقولُه تعالى :﴿ أَوْ يَذَّكَّرُ ﴾ عطفٌ على يزكَّى داخلٌ معه في حكم الترجِّي. وقولُه تعالَى :﴿ فَتَنفَعَهُ الذكرى ﴾ بالنصب على جواب لعلَّ وقُرِىءَ بالرفع عطفاً على يذكَّرُ أي أو يتذكرُ فتنفعُه موعظتُك إنْ لم يبلغْ درجةَ التزكِّي التامِّ، وقيلَ : الضميرُ في لعلَّه للكافر فالمَعْنى أنك طمعتَ في أنْ يتزكَّى أو يذكرَ فتقربُه الذكرَى إلى قبولِ الحقِّ ولذلكَ توليتَ عن الأَعْمى وما يُدريكَ أن ذلكَ مرجُّوُ الوقوعِ ﴿ أَمَّا مَنِ استغنى ﴾ أي عن الإيمان وعما عندك من العلوم والمعارفِ التي ينطوي عليها القرآنُ ﴿ فَأَنتَ لَهُ تصدى ﴾ أي تتصدَّى وتتعرضُ بالإقبالِ عليهِ والاهتمامِ بإرشادِه واستصلاحِه وفيه مزيدُ تنفيرٍ له عليه الصلاةُ والسلامُ عن مصاحبتِهم فإن الإقبالَ على المُدبرِ ليسَ من شيمِ الكبارِ وقُرِىءَ تصَّدَّى بإدغام التاءِ في الصَّادِ وقُرِىءَ تُصدى بضمِّ التاءِ أيْ تُعرضُ ومعناهُ يدعوكَ إلى التصدِّي له داعٍ من الحرص والتهالكُ على إسلامِه ﴿ وَمَا عَلَيْكَ ألاَّ يزكى ﴾ وليسَ عليكَ بأسٌ في أنْ لا يتزكَّى بالإسلام حتَّى تهتمَّ بأمره وتعرضَ عمَّن أسلمَ والجملةُ حال من ضمير تصدى وقيل : ما استفهامية للإنكار أيْ أيُّ شيء عليك في أن لا يتزكى ومآله النفيُ أيضاً.