وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك أنه التبن خاصة وقيل هو يابس الفاكهة لأنها تؤب وتهيأ للشتاء للتفكه بها وأخرج أبو عبيد في فضائله وعبد بن حميد عن إبراهيم التيمي قال سئل أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه عن الأب ما هو فقال أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله تعالى ما لا أعلم وأخرج ابن سعد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وغيرهم عن أنس أن عمر رضي الله تعالى عنه قرأ على المنبر ﴿ فأنبتنا فيها حباً وعنباً ﴾ [ عبس : ٢٧ ] إلى قوله : وأباً فقال كل هذا قد عرفناه فما الأب ثم رفض عصا كانت في يده فقال هذا لعمر الله هو التكلف فما عليك يا ابن أم عمر أن لا تدري ما الأب ابتغوا ما بين لكم من هذا الكتاب فاعملوا به وما لم تعرفوه فكلوه إلى ربه وفي "صحيح البخاري" من رواية أنس أيضاً أنه قرأ ذلك وقال فما الأب ثم قال ما كلفنا أو ما أمرنا بهذا ويتراءى من ذلك النهي عن تتبع معاني القرآن والبحث عن مشكلاته وفي "الكشاف" لم يذهب إلى ذلك ولكن القوم كانت أكبر همتهم عاكفة على العمل وكان التشاغل بشيء من العلم لا يعمل به تكلفاً فأراد رضي الله تعالى عنه أن الآية مسوقة في الامتنان على الإنسان بمطمعه واستدعاء شكره وقد علم من فحواها أن الأب بعض ما أنبت سبحانه للإنسان متاعاً له أو لأنعامه فعليك بما هو أهم من النهوض بالشكر له عز وجل على ما تبين لك ولم يشكل مما عدد من نعمته تعالى ولا تتشاغل عنه بطلب معنى الأب ومعرفة النبات الخاص الذي هو اسم له واكتف بالمعرفة الجملية إلى أن يتبين لك في غير هذا الوقت ثم وصى الناس بأن يجروا على هذا السنن فيما أشبه ذلك من مشكلات القرآن انتهى وهو قصارى ما يقال في توجيه ذلك لكن في بعض الآثار عن الفاروق كما في "الدر المنثور" ما يبعد فيه إن صح هذا التوجيه في شيء وهو أنه ينبغي أن خفاء تعيين المراد من الأب على الشيخين رضي الله عنهما ونحوها من الصحابة وكذا