أما الصيحة الأولى فلا يكون فيها الا موت الخلائق أجمع روى ابن عباس عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال : تحشرون حفاة عراة عزلا فقالت امرأة أينظر أحدنا أو يرى بعضنا عورة بعض ؟ قال يا فلانه (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) - أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح - وأخرج بن مردويه والبيهقي مثله وصححه الحاكم وأن السائلة سودة بنت زمعة أم المؤمنين وجاء في رواية الطبراني عن سهل ابن سعد أنه قيل له عليه الصلاة والسلام ما شغلهم ؟ فقال نشر الصحف فيها مثاقيل الذر ومثاقيل الخردل! ثم ذكر اللّه تعالى حال الخلائق المكلفين وبدأ بالسعداء فقال :"وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ٣٨" مضيئة مشرقة من آثار أعمالها الصالحة في الدنيا كغبار الجهاد ومعاملة الناس بالحسنى وآثار الصوم والصلاة والزكاة والصدقة وقيام الليل مستنيرة من آثار السجود والوضوء وغيرها فهي "ضاحِكَةٌ" سرورا وفرحا بثواب اللّه "مُسْتَبْشِرَةٌ ٣٩" بكرامة اللّه لها ورضوانه بعد الحساب ثم ذكر أهل الشقاء أجارنا اللّه منهم وجعلنا من السعداء.
بقوله "وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ" أني بعد الفراغ من الحساب تراها منكمشة "عَلَيْها غَبَرَةٌ ٤٠" تعارها والعياذ باللّه فتصيرها كدرة مائلة إلى السواد
"تَرْهَقُها" تغشاها فتدركها عن قرب بسرعة هائلة "قَتَرَةٌ ٤١" ظلمة كالدخان فلا يرى أوحش منها لاجتماع العبرة والدخان عليها "أُولئِكَ" الذين صنع بهم ذلك من كشف وجوههم وتغيرها "هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ ٤٢" لأنهم جمعوا في الدنيا بين الكفر والجحود فجمع اللّه عليهم في الآخرة
الغبرة والقترة، هذا، واللّه أعلم، واستغفر اللّه ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم، وصلّى اللّه عليه وسلم على سيدنا محمد وآله وأصحابه وأتباعه أجمعين صلاة وتسليما إلى يوم الدين. أ هـ ﴿بيان المعاني حـ ١ صـ ٢١٣ ـ ٢١٨﴾


الصفحة التالية
Icon