ولما ذكر المستغني، ذكر مقابله فقال :﴿وأما من جاءك﴾ حال كونه ﴿يسعى﴾ أي مسرعاً رغبة فيما عندك من الخير المذكر بالله وهو فقير ﴿وهو﴾ أي والحال أنه ﴿يخشى﴾ أي يوجد الخوف من الله تعالى ومن الكفار في أذاهم على الإتيان إلى النبي ـ ﷺ ـ ومن معاثر الطريق لعماه ﴿فأنت عنه﴾ أي خاصة في ذلك المجلس لكونه في الحاصل ﴿تلهّى﴾ أي تتشاغل لأجل أولئك الأشراف الذين تريد إسلامهم لعلو بهم الدين تشاغلاً حفيفاً بما أشار إليه حذف التاء، من لهى عنه كرضى - إذا سلى وغفل وترك، وفي التعبير بذلك إشارة إلى أن الاشتغال بأولئك لا فائدة فيه على ما تفهمه تصاريف المادة وإلى أن من يقصد الانسان ويتخطى رقاب الناس إليه له عليك حق عظيم، والآية من الاحتباك : ذكر الغنى أولاً يدل على الفقر ثانياً، وذكر المجيء والخسية ثانياً يدل على ضدهما أولاً، وسر ذلك التحذير مما يدعو إليه الطبع البشري من الميل إلى الأغنياء، ومن الاستهانة بحق الآتي إعظاماً لمطلق إتيانه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٨ صـ ٣٢٣ ـ ٣٢٦﴾


الصفحة التالية
Icon