وكَذا مَا يُروَى أنَّ الرجلَ يفرُّ من أصحابِه وأقربائِه لئلاَّ يَروَه على ما هُو عليهِ من سُوءِ الحالِ. وقُرِىءَ يَعْنِيه بالياءِ المفتوحةِ والعينِ المُهملةِ، أي يُهمَّهُ من عناهُ الأمرُ إذا أهمَّه أي أوقعَهُ في الهمِّ ومنْهُ :" منْ حُسنِ إسلامِ المرءِ تركُه ما لا يَعنيه " لا من عناهُ إذا قصدَهُ كما قيلَ : وقولُه تعالى :﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ﴾ بيانٌ لمآل أمرِ المذكورينَ وانقسامِهم إلى السعداءِ والأشقياءِ بعد ذكرِ وقوعِهم في داهيةٍ دهياءَ فوجوهٌ مبتدأٌ وإنْ كانتْ نكرةً لكونِها في حيزِ التنويعِ ومسفرةٌ خبرُهُ ويومئذٍ متعلقٌ به أي مضيئةٌ متهللةٌ منْ أسفرَ الصبحُ إذَا أضاءَ. وعن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ الله عنهُمَا أنَّ ذلكَ من قيامِ الليلِ. وفي الحديثِ :" مَنْ كثُرَ صلاتُه بالليلِ حسُن وجهُه بالنهارِ ". وعنِ الضحَّاكِ : منْ آثارِ الوضوءِ وقيلَ : من طولِ ما اغبرّتْ في سبيلِ الله.
﴿ ضاحكة مُّسْتَبْشِرَةٌ ﴾
بما تشاهدُ من النعيم المقيمِ والبهجةِ الدائمةِ ﴿ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ ﴾ أي غبارٌ وكدورةٌ ﴿ تَرْهَقُهَا ﴾ أي تعلُوها وتغشاهَا ﴿ قَتَرَةٌ ﴾ أي سوادٌ وظلمةٌ ﴿ أولئك ﴾ إشارةٌ إلى أصحاب تلك الوجوهِ، وما فيهِ من مَعْنى البُعدِ للإيذانِ ببعدِ درجتِهم في سُوءِ الحالِ أي أولئكَ الموصوفونَ بسوادِ الوجوهِ وغيره ﴿ هُمُ الكفرة الفجرة ﴾ الجامعونَ بين الكفرِ والفجورِ فلذلكَ جمعَ الله تعالى إلى سواد وجوهِهم الغبرةَ. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٩ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon