فقال :" الله أعلم بما كانوا عاملين " وهذا الجواب يحتمل الوقف عن الجواب، أي الله أعلم بحالهم كقول موسى عليه السلام :﴿ علمُها عند ربي في كتاب ﴾ [ طه : ٥٢ ] جواباً لقول فرعون :﴿ فما بال القرون الأولى ﴾ [ طه : ٥١ ].
ويحتمل أن المعنى الله أعلم بحال كل واحد منهم لو كبر مَاذا يكون عاملاً من كفر أو إيمان، أي فيعامله بما علم من حاله.
وأخرج البخاري ومسلم ( ببعض اختلاف في اللفظ ) عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال :" كل مولود يولد على الفِطرة فأبواه يُهودانه، أو ينصرانه أو يمجسانه " الحديث.
زاد في رواية مسلم : ثُم يقول ( أي أبو هريرة ) اقرأوا :﴿ فطرت اللَّه التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق اللَّه ذلك الدين القيم ﴾ [ الروم : ٣٠ ] فيقتضي أنهم يولدون على فطرة الإسلام حتى يدخل عليه من أبويه أو قريبه أو قرينه ما يُغيره عن ذلك وهذا أظهر ما يستدل به في هذه المسألة.
وقال المازري في "المعلم" : فاضطرب العلماء فيهم.
والأحاديث وردت ظواهرها مختلفة واختلاف هذه الظواهر سَبب اضطراب العلماء في ذلك والقطع ههنا يبعُد ا ه.
وقول أبي هريرة : واقرأوا :﴿ فطرت اللَّه التي فطر الناس عليها ﴾ الخ مصباح ينير وجه الجمع بين هذه الأخبار : وقد ورد في حديث الرؤيا عن سمرة بن جندب ما هو صريح في ذلك إذ قال رسول الله ﷺ " وأما الرجل الذي في الروضة فإنه إبراهيم عليه السلام وأما الوِلْدَانُ الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة ".
قال سمرة فقال بعض المسلمين : يا رسول الله " وأولادُ المشركين؟ فقال رسول الله ﷺ وأولادُ المشركين ".
واختلفت أقوال العلماء في أولاد المشركين فقال ابن المبارك وحمّاد بن سلمة وحمّاد بن زيد وإسحاق بن راهويه والشافعي هُم في مشيئة الله.
والصحيح الذي عليه المحققون والجمهور أنهم في الجنة وهو ظاهر قول أبي هريرة.