فتقلب قلوب الكفار انتزاعها من أماكنها إلى الحناجر فلا هي ترجع إلى أماكنها ولا هي تخرج، فأما تقلب الأبصار فالزرقة بعد الحكل والعمى بعد البصر. وقيل : تتقلب القلوب بين الطمع في النجاة والخوف من الهلاك والإبصار تنظر من أي ناحية يعطون كتبهم وإلى أي ناحية يؤخذ بهم. وقيل : إن قلوب الشاكين تتحول عما كانت عليه من الشك وكذلك أبصارهم لرؤيتهم اليقين إلا أن ذلك لا ينفعهم في الآخرة.
ومنها : يوم الشخوص والإقناع. قال الله تعالى : إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار أي لا تغمض فيه من هول ما ترى في ذلك اليوم. قاله الفراء.
وقال ابن عباس رضي الله عنه : تشخص أبصار الخلائق يومئذ إلى الهواء لشدة الحيرة فلا يغتمضون مهطعين أي مديمي النظر.
قال مجاهد والضحاك : مقنعي رؤوسهم أي رافعي رؤوسهم وإقناع الرأس رفعه. قاله ابن عباس ومجاهد، وقال الحسن : وجوه الناس يومئذ إلى السماء لا ينظر أحد إلى أحد. فإن قيل : فقد قال الله تعالى في غير هذه الآية خاشعة أبصارهم وقال : خشعاً أبصارهم فكيف يكون الرافع رأسه الناظر نظراً طويلاً حتى إن طرفه لا يرتد إليه خاشع البصر ؟.
فالجواب أنهم يخرجون حال المضي إلى الموقف خاشعة أبصارهم، وفي هذه الحال وصفهم الله تعالى بخشوع الأبصار وإذا توافوا وضمهم الموقف وطال القيام عليهم فإنهم يصيرون من الحيرة كأنهم لا قلوب لهم ويرفعون رؤوسهم فينظرون النظر الطويل ولا يرتد إليهم طرفهم كأنهم قد نسوا الغمض أو جلهوه فهو تعسير عليهم.
ومنها : هذا يوم لا ينطقون * ولا يؤذن لهم فيعتذرون.
وذلك حين يقال لهم اخسؤوا فيها ولا تكلمون وتطبق عليهم جهنم على ما يأتي بيانه في أبواب النار.
ومنها : يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم وإن أذن لهم بأن يمكنوا منها لا بأن يقال لهم اعتذروا كقوله ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا الآية وكقوله ربنا أخرجنا منها الآية.
ومنها : ولا
يكتمون الله حديثاً.