قال ابن عطية : وقال آخرون الرسول هو محمد ﷺ في الآية كلها أ هـ.
ولم يُعين اسم أحد ممن قالوا هذا من المفسرين.
واستُطرد في خلال الثناء على القرآن الثناءُ على المَلَك المرسل به تنويهاً بالقرآن فإجراء أوصاف الثناء على ﴿ رسول ﴾ للتنويه به أيضاً، وللكناية على أن ما نزل به صِدق لأن كمال القائل يدل على صدق القول.
ووُصِفَ ﴿ رسول ﴾ بخمسة أوصاف:
الأول :﴿ كريم ﴾ وهو النفيس في نوعه.
والوصفان الثاني والثالث :﴿ ذي قوة عند ذي العرش مكين ﴾.
فالقوة حقيقتها مقدرة الذات على الأعمال العظيمة التي لا يَقدر عليها غالباً.
ومن أوصافه تعالى :"القوي"، ومنها مقدرة الذات من إنسان أو حيوان على كثير من الأعمال التي لا يقدر عليها أبناء نوعه.
وضدها الضعف قال تعالى :﴿ اللَّه الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة ﴾ [ الروم : ٥٤ ].
وتطلق القوة مجازاً على ثبات النفس على مرادها والإِقدام ورباطة الجأش، قال تعالى :﴿ يا يحيى خذ الكتاب بقوة ﴾ [ مريم : ١٢ ] وقال :﴿ خذوا ما آتيناكم بقوة ﴾ [ البقرة : ٦٣ ]، فوصف جبريل بـ ﴿ ذي قوة ﴾ يجوز أن يكون شدة المقدرة كما وصف بذلك في قوله تعالى :﴿ ذو مرة ﴾ [ النجم : ٦ ]، ويجوز أن يكون في القوة المجازية وهي الثبات في أداء ما أرسل به كقوله تعالى :﴿ علمه شديد القوى ﴾ [ النجم : ٥ ] لأنّ المناسب للتعليم هو قوة النفس، وأما إذا كان المراد محمد ﷺ فوصفه بـ ﴿ ذي قوة عند ذي العرش ﴾ يراد بها المعنى المجازي وهو الكرامة والاستجابة له.
والمكين : فعيل، صفة مشبهة من مكُن بضم الكاف مكانة، إذا علت رتبته عند غيره، قال تعالى في قصة يوسف مع المِلك :﴿ فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين ﴾ [ يوسف : ٥٤ ].