ثبتنا اللّه وعافانا ومن شره وقانا - راجع تفسير الآية الأخيرة من سورة النساء في ج ٢ - "وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ ٦" التهبت بالنار وذهب ماؤها وصارت تضطرم، يؤيده قوله صلّى اللّه عليه وسلم : إن البحر غطاء جهنم أو طباقها.
وقيل امتلأت أخذا من سجر التنور إذا امتلأ حطبا وعليه يكون المعنى تفجرت على بعضها فصارت بحرا واحدا إلا أنه لم يبق بحر إذ ذاك (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) راجع هذه الآية ٤٠ من سورة ابراهيم في ج ٢ "وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ٧" قرنت أرواحها بأجسادها وكل نفس مع من يشاكلها الصالحة بالصالحة والعاصية بالعاصية وألحق كل امرئ بشيعته "وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ" الطفلة المقبورة حية "سُئِلَتْ ٨" أي سئل وائدها فيقال له من قبل الملائكة "بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ٩" هذه الموءودة كبيرة كانت أو صغيرة وهكذا كل مقبور حيّ يسأل وائده عن سبب واده فيصمت إذ لا جواب له ولا عذر فيذبح الوائد في نار جهنم ذبحا زائدا على عذابه الذي يستحقه للقتل بلا ذنب وهذا الذبح لا يميته لأن النار لا موت فيها وإنما يذيقه عذاب الذبح ثم يبقيه حيا للعذاب الآخر.
أو سئلت هي سؤال تلطف لتقول : وأدني فلان بلا ذنب، ويكون سؤال توبيخ لواندها بصرف الخطاب إليه، وهذا نوع من الاستدراج واقع على طريق التعريض كما في قوله تعالى :(أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ) الآية ١١٥ من المائدة في ج ٣ وقرىء قتّلت بالتشديد، وفي هذا دليل على أن أطفال المشركين لا يعذّبون وان التعذيب لا يكون بلا ذنب، وهو كذلك في الآخرة أما في الدنيا فقد يقع من بعض الناس جورا ومن اللّه عدلا قال :
وله أن يؤلم الأطفالا ووصفه بالظالم استحالا
قال ابن عباس : كانت المرأة في الجاهلية تحفر حفرة عند ولادتها فتتمخض فإن ولدت جارية دفنتها وإن ولدت غلاما حبسته، وكان الرجل في الجاهلية إذا أراد


الصفحة التالية
Icon