وقيل : يضم كل رجل إلى من كان يلزمه من مَلِك وسطلان، كما قال تعالى :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ ﴾.
وقال عبد الرحمن بن زيد : جُعلوا أزواجاً على أشباه أعمالهم ليس بتزويج، أصحاب اليمين زوج، وأصحاب الشمال زوج، والسابقون زوج ؛ وقد قال جل ثناؤه :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ ﴾ [ الصافات : ٢٢ ] أي أشكالهم.
وقال عِكرمة :﴿ وَإِذَا النفوس زُوِّجَتْ ﴾ قرنت الأرواح بالأجساد ؛ أي ردت إليها.
وقال الحسن : ألحق كل امرىء بشيعته : اليهود باليهود، والنصارى بالنصارى، والمجوس بالمجوس، وكل من كان يعبد شيئاً من دون الله يُلْحَق بعضهم ببعض، والمنافقون بالمنافقين، والمؤمنون بالمؤمنين.
وقيل : يُقْرَن الغاوي بمن أغواه من شيطان أو إنسان، على جهة البغض والعداوة، ويقرن المطيع بمن دعاه إلى الطاعة من الأنبياء والمؤمنين.
وقيل : قُرِنت النفوس بأعمالها، فصارت لاختصاصها به كالتزويج.
قوله تعالى :﴿ وَإِذَا الموءودة سُئِلَتْ بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ﴾
الموءودة المقتولة ؛ وهي الجارية تدفن وهي حية، سميت بذلك لما يطرح عليها من التراب، فيؤودها أي يثقلها حتى تموت ؛ ومنه قوله تعالى :﴿ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا ﴾ أي لا يثقله ؛ وقال متمم بن نُويرة :
ومَوءودة مَقبورة فِي مَفازةٍ...
بآمتِها مَوْسودة لم تُمَهّد
وكانوا يدفنون بناتهم أحياء لخصلتين ؛ إحداهما كانوا يقولون إن الملائكة بنات الله، فألحقوا البنات به.
الثانية إما مخافة الحاجة والإملاق، وإما خوفاً من السبيْ والاسترقاق.
وقد مضى في سورة "النحل" هذا المعنى، عند قوله تعالى :﴿ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التراب ﴾ [ النحل : ٥٩ ] مستوفًى.
وقد كان ذوو الشرف منهم يمتنعون من هذا، ويمنعون منه، حتى افتخر به الفرزدق، فقال :
ومِنّا الَّذي منعَ الوائِداتِ...
فأحيا الوِئيد فلم يُوأَدِ