﴿ بِأَىّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ﴾ دون الوائد مع أن الذنب له دونها لتسليتها وإظهار كمال الغيظ والسخط لوائدها وإسقاطه عن درجة الخطاب والمبالغة في تبكيته فإن المجني عليه إذا سئل بمحضر الجاني ونسبت إليه الجناية دون الجاني كان ذلك بعثاً للجاني على التفكر في حال نفسه وحال المجني عليه فيرى براءة ساحته وأنه هو المستحق للعتاب والعقاب وهذا نوع من الاستدراج واقع على طريق التعريض كما في قوله تعالى ﴿ أأنت قُلتَ لِلنَّاسِ اتخذونى وَأُمّىَ إلهين ﴾ [ المائدة : ١١٦ ] وقرأ أبي وابن مسعود والربيع بن خيثم وابن يعمر سألت أي خاصمت أو سألت الله تعالى أو قاتلها وإنما قيل قتلت لما أن الكلام أخبار عنها لا حكاية لما خوطبت به حين سئلت ليقال قتلت على الخطاب ولا حكاية لكلامها حين سألت ليقال قتلت على الحكاية عن نفسها وقد قرأ كذلك علي كرم الله تعالى وجهه وابن عباس وابن مسعود أيضاً وجابر بن يزيد وأبو الضحى ومجاهد وقرأ الحسن والأعرج سيلت بكسر السين وذلك على لغة من قال ﴿ سال ﴾ بغير همز وقرأ أبو جعفر بشد الياء لأن الموؤدة اسم جنس فناسب التكثير باعتبار الأشخاص وفي الآية دليل على عظم جناية الوأد وقد أخرج البزار والحاكم في الكنى والبيهقي في سننه عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال جاء قيس بن عاصم التميمي إلى رسول الله ﷺ فقال إني وأدت ثمان بنات لي في الجاهلية فقال النبي ﷺ " أعتق عن كل واحدة رقبة قال : إني صاحب إبل قال فاهد عن كل واحدة بدنة " وكان الأمر للندب لا للوجوب لتوقف صحة التوبة عليه فإن الإسلام يجب ما قبله من مثل ذلك وفيه تعظيم أمر الوأد وكان من العرب من يستقبحه كصعصعة بن ناجية المجاشعي جد الفرزدق كان يفتدي الموؤدات من قومه بني تميم وبه افتخر الفرزدق في قوله :
وجدي الذي منع الوائدات...
فأحيا الوئيد فلم تفتد