ثم عظم سبحانه ذلك اليوم فقال :﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدين * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدين ﴾ أي : يوم الجزاء، والحساب، وكرّره تعظيماً لقدره، وتفخيماً لشأنه، وتهويلاً لأمره، كما في قوله :﴿ القارعة * مَا القارعة * وَمَا أَدْرَاكَ مَا القارعة ﴾ [ القارعة : ١ ٣ ] و ﴿ الحاقة * مَا الحاقة * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحاقة ﴾ [ الحاقة : ١ - ٣ ] والمعنى : أيّ شيء جعلك دارياً ما يوم الدين.
قال الكلبي : الخطاب للإنسان الكافر.
ثم أخبر سبحانه عن اليوم فقال :﴿ يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً والأمر يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﴾ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو برفع :" يوم " على أنه بدل من ﴿ يوم الدين ﴾، أو خبر مبتدأ محذوف.
وقرأ أبو عمرو في رواية :" يوم " بالتنوين، والقطع عن الإضافة.
وقرأ الباقون بفتحه على أنها فتحة إعراب بتقدير : أعني أو اذكر، فيكون مفعولاً به، أو على أنها فتحة بناء لإضافته إلى الجملة على رأي الكوفيين، وهو في محل رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أو على أنه بدل من يوم الدين.
قال الزجاج : يجوز أن يكون في موضع رفع إلا أنه مبنيّ على الفتح لإضافته إلى قوله :﴿ لاَ تَمْلِكُ ﴾ وما أضيف إلى غير المتمكن، فقد يبنى على الفتح، وإن كان في موضع رفع، وهذا الذي ذكره إنما يجوز عند الخليل، وسيبويه إذا كانت الإضافة إلى الفعل الماضي، وأما إلى الفعل المستقبل، فلا يجوز عندهما، وقد وافق الزجاج على ذلك أبو علي الفارسي، والفرّاء، وغيرهما، والمعنى : أنها لا تملك نفس من النفوس لنفس أخرى شيئًا من النفع أو الضرّ ﴿ والأمر يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﴾ وحده لا يملك شيئًا من الأمر غيره كائناً ما كان.
قال مقاتل : يعني لنفس كافرة شيئًا من المنفعة.


الصفحة التالية
Icon