والجحيم صار علماً بالغلبة على جهنم، وقد تقدم في سورة التكوير وفي سورة النازعات.
وجملة ﴿ يصلونها ﴾ صفة ل ﴿ جحيم ﴾، أو حال من ﴿ الفجار ﴾، أو حال من الجحيم، وصَلْيُ النار : مَسُّ حرّها للجسم، يقال : صلي النارَ، إذا أحس بحرّها، وحقيقته : الإِحساس بحرّ النار المؤلم، فإذا أريد التدفّي قيل : اصطلى.
و﴿ يوم الدين ﴾ ظرف ل ﴿ يصلونها ﴾ وذُكر لبيان : أنهم يصلونها جزاء عن فجورهم لأن الدين الجزاء ويوم الدين يوم الجزاء وهو من أسماء يوم القيامة.
وجملة ﴿ وما هم عنها بغائبين ﴾ عطف على جملة ﴿ يصلونها ﴾، أي يَصْلون حرّها ولا يفارقونها، أي وهم خالدون فيها.
وجيء بقوله ﴿ وما هم عنها بغائبين ﴾ جملة اسمية دون أن يقال : وما يغيبون عنها، أو وما يفارقونها، لإفادة الاسمية الثبات سواء في الإثبات أو النفي، فالثّبات حالة للنسبة الخبرية سواء كانت نسبة إثبات أو نسبة نفي كما في قوله تعالى ﴿ وما هم بخارجين من النار ﴾ في سورة البقرة ( ١٦٧ ).
وزيادة الباء لتأكيد النفي.
وتقديم عنها } على متعلقه للاهتمام بالمجرور، وللرعاية على الفاصلة.
وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧)
يجوز أن تكون حالية، والواو واو الحال، ويجوز أن تكون معترضة إذا جُعل ﴿ يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً ﴾ [ الانفطار : ١٩ ] بدلاً من ﴿ يوم الدين ﴾ المنصوب على الظرفية كما سيأتي.
و﴿ ما أدراك ما يوم الدين ﴾ : تركيب مركب من ﴿ ما ﴾ الاستفهامية وفعل الدراية المعدّى بالهمزة فصار فاعله مفعولاً زائداً على مفعولي دَرى، وهو من قبيل : أعلم وأرَى، فالكاف مفعوله الأول، وقد علق على المفعولين الآخرين بـ ﴿ ما ﴾ الاستفهامية الثانية.
والاستفهام الأول مستعمل كناية عن تعظيم أمر اليوم وتهويله بحيث يَسْأل المتكلم من يسمعه عن الشيء الذي يحصِّل له الدراية بكنه ذلك اليوم، والمقصود أنه لا تصل إلى كنهه دراية دارٍ.


الصفحة التالية
Icon