﴿ كَلاَّ ﴾ ردع عن الغفلة عن الله تعالى ﴿ بَلْ تُكَذِّبُونَ بالدين ﴾ أصلاً وهو الجزاء أو دين الإسلام فلا تصدقون ثواباً ولا عقاباً ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لحافظين ﴾ أعمالكم وأقوالكم من الملائكة ﴿ كِرَاماً كاتبين ﴾ يعني أنكم تكذبون بالجزاء والكاتبون يكتبون عليكم أعمالكم لتجازوا بها ﴿ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ لا يخفى عليهم شيء من أعمالكم.
وفي تعظيم الكتبة بالثناء عليهم تعظيم لأمر الجزاء وأنه عند الله من جلائل الأمور، وفيه إنذار وتهويل للمجرمين ولطف للمتقين.
وعن الفضيل أنه كان إذا قرأها قال : ما أشدها من آية على الغافلين! ﴿ إِنَّ الأبرار لَفِى نَعِيمٍ ﴾ إن المؤمنين لفي نعيم الجنة ﴿ وَإِنَّ الفجار لَفِى جَحِيمٍ ﴾ وإن الكفار لفي النار ﴿ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدين ﴾ يدخلونها يوم الجزاء.
﴿ وَمَا هُمَ عَنْهَا بِغَائِبِينَ ﴾ أي لا يخرجون منها كقوله تعالى :﴿ وَمَا هُم بخارجين مِنْهَا ﴾ [ المائدة : ٣٧ ] [ البقرة : ١٦٧ ].
ثم عظم شأن يوم القيامة فقال ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدين * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدين ﴾ فكرر للتأكيد والتهويل وبينه بقوله ﴿ يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً ﴾ أي لا تستطيع دفعاً عنها ولا نفعاً لها بوجه وإنما تملك الشفاعة بالإذن.
﴿ يَوْم ﴾ بالرفع : مكي وبصري أي هو يوم، أو بدل من ﴿ يَوْم الدين ﴾ ومن نصب فبإضمار "اذكر" أو بإضمار يدانون لأن الدين يدل عليه ﴿ والأمر يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﴾ أي لا أمر إلا لله تعالى وحده فهو القاضي فيه دون غيره. أ هـ ﴿تفسير النسفى حـ ٤ صـ ٣٣٧ ـ ٣٣٨﴾