قال ابن عباس كل ما في القرآن (ما أدرك) فقد أدراه وكل ما فيه (وما يدريك) فقد طوى عنه.
وقال سليمان بن عبد الملك وهو من خير ملوك بني أمية بعد عمر ابن عبد العزيز لأنه افتتح خلافته بعمارة البيت المقدس والجامع الأموي بدمشق، إذ كان والده بدأ بهما وتوفي قبل إكمالهما، كما أن داود عليه السلام بدأ بعمارة الأول وتوفي قبل إكماله، فأكمله ابنه سليمان صلوات اللّه عليهما وسلامه، وختمها باستخلاف عمر بن عبد العزيز الذي كان في أعماله وأقواله يعد من الخلفاء الراشدين، لأبي حازم المزني : ليت شعري مالنا عند اللّه ؟ قال يا أمير المؤمنين اعرض عملك على كتاب اللّه تعالى فتعلم مالك عنده، قال أين أجد ذلك في كتابه جل شأنه ؟ قال عند قوله تعالى (إِنَّ الْأَبْرارَ) الآية المارة، قال وأين رحمة اللّه إذا، قال هي قريب من المحسنين، قال صدقت.
وليس في هذه الآية ما يدل على نفي الشفاعة كما زعمه بعضهم، لأن كونها لا تكون إلا بأمر اللّه دليل على وجودها، ولو أنها يراد بها النفي لما قيدها بالأمر ولم يقيدها به إلا لأنه يريد وجودها، وتفويض من ارتضاه لها من أنبيائه وأوليائه، وحاشاه من منعها، كيف وهو أرحم الراحمين، وقد أمر عباده بأن يشفع بعضهم لبعض وما كان أمر الرسول قط إلا من أمر اللّه لأنه لا ينطق عن هوى، راجع الآية ٢٥٥ من البقرة في ج ٣، والآية ١٤ من من النساء في ج ٣ في بحث الشفاعة.
هذا واللّه أعلم، وأستغفر اللّه، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم، وصلّى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أ هـ ﴿بيان المعاني حـ ٤ صـ ٤٢٥ ـ ٤٢٩﴾