السؤال الثاني : ما الذي ذكره المفسرون في سبب هذا الاغترار ؟ قلنا وجوه : أحدها : قال قتادة : سبب غرور ابن آدم تسويل الشيطان له وثانيها : قال الحسن : غره حمقه وجهله وثالثها : قال مقاتل : غره عفو الله عنه حين لم يعاقبه في أول أمره، وقيل : للفضيل بن عياض إذا أقامك الله يوم القيامة، وقال لك :﴿مَا غَرَّكَ بِرَبّكَ الكريم﴾ ماذا تقول ؟ قال : أقول غرتني ستورك المرخاة.
السؤال الثالث : ما معنى قراءة سعيد بن جبير ما أغرك ؟ قلنا : هو إما على التعجب وإما على الاستفهام من قولك غر الرجل فهو غار إذا غفل، ومن قولك بيتهم العدو وهم غارون، وأغره غيره جعله غاراً، أما قوله تعالى :﴿الذي خَلَقَكَ﴾ فاعلم أنه تعالى لما وصف نفسه بالكرم ذكر هذه الأمور الثلاثة كالدلالة على تحقق ذلك الكرم أولها : الخلق وهو قوله :﴿الذي خَلَقَكَ﴾ ولا شك أنه كرم وجود لأن الوجود خير من العدم، والحياة خير من الموت، وهو الذي قال :﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بالله وَكُنتُمْ أمواتا فأحياكم﴾ [ البقرة : ٢٨ ]، وثانيها : قوله :﴿فَسَوَّاكَ﴾ أي جعلك سوياً سالم الأعضاء تسمع وتبصر، ونظيره قوله :﴿أَكَفَرْتَ بالذي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً﴾ [ الكهف : ٣٧ ] قال ذو النون : سواك أي سخر لك المكونات أجمع، وما جعلك مسخراً لشيء منها، ثم أنطق لسانك بالذكر، وقلبك بالعقل، وروحك بالمعرفة، وسرك بالإيمان، وشرفك بالأمر والنهي وفضك على كثير ممن خلق تفضيلاً وثالثها : قوله :﴿فَعَدَلَكَ﴾ وفيه بحثان :