وروي عن عليّ رضي الله عنه أنه صاح بغلام له مرات فلم يُلَبَّه، فنظر فإذا هو بالباب، فقال : مالك لم تُجبني؟ فقال.
لثقتي بحلمك، وأمني من عقوبتك.
فاستحسن جوابه فأعتقه.
وناس يقولون : ما غرك : ما خَدَعك وسَوَّل لك، حتى أضعت ما وجب عليك؟ وقال ابن مسعود : ما منكم من أحد إلا وسيخلو الله به يوم القيامة، فيقول له : ي بن آدم ماذا غرك بي؟ يا بن آدم ماذا عملت فيما علمت؟ يا بن آدم ماذا أجبت المرسلين؟ ﴿ الذي خَلَقَكَ ﴾ أي قدرَّ خلقَك من نطفة ﴿ فَسَوَّاكَ ﴾ في بطن أمك، وجعل لك يدين ورجلين وعينين وسائر أعضائك ﴿ فَعَدَلَكَ ﴾ أي جعلك معتدلاً سَوِيّ الخَلْق ؛ كما يقال : هذا شيء معدّل.
وهذه قراءة العامة، وهي اختيار أبي عبيد وأبي حاتم ؛ قال الفراء : وأبو عبيد : يدل عليه قوله تعالى :﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [ التين : ٤ ].
وقرأ الكوفيون : عاصم وحمزة والكسائي :"فعدَلك" مخففاً أي : أمالك وصرفك إلى أيّ صورة شاء، إما حسناً وإما قبيحاً، وإما طويلاً وإما قصيراً.
وقال موسى بن عليّ بن أبي رَباح اللَّخْمي عن أبيه عن جده قال : قال لي النبي ﷺ :
" إن النطفة إذا استقرت في الرحم أحضرها الله كل نسب بينها وبين آدم " أما قرأت هذه الآية ﴿ في أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ ﴾ :" فيما بينك وبين آدم " ( وقال عكرمة وأبو صالح :﴿ في أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ ﴾ ) : إن شاء في صورة إنسان، وإن شاء في صورة حمار، وإن شاء في صورة قرد، وإن شاء في صورة خنزير.
وقال مكحول : إن شاء ذكراً، وإن شاء أنثى.
قال مجاهد :"فِي أي صورةٍ" أي في أي شبه من أبٍ أو أم أو عم أو خالٍ أو غيرهم.


الصفحة التالية
Icon