وقال قتادة غره عدوه المسلط عليه وروى أن النبي ﷺ قرأ الآية فقال الجهل وقاله عمر رضي الله تعالى عنه وقرأ ﴿ أنه كان ظلوماًْجهولاً ﴾ [ الأحزاب : ٧٢ ] والفرق بين هذا وبين ماذكروا لا يخفى على ذي علم واختلف في الإنسان المنادى فقيل الكافر بل عن عكرمة أنه أبي بن خلف وقيل الأعم الشامل للعصاة وهو الوجه لعموم اللفظ ولوقوعه بين المجمل ومفصله أعنى ﴿ علمت نفس ﴾ [ الأنفطار : ٥ ] ﴿ وأن الأبرار وأن الفجار ﴾ [ الإنفطار : ١٣، ١٤ ] وأما قوله تعالى :﴿ بَلِ يَكْذِبُونَ بالدين ﴾ [ الانفطار : ٩ ] ففي "الكشف" أما أن يكون ترشيحاً لقوة اغترارهم بإيهام أنهم أسوأ حالاً من المكذبين تغليظاً وأما لصحة خطاب الكل بما وجد فيما بينهم وقرأ ابن جبير والأعمش ما أغرك بهمزة فاحتمل أن يكون تعجباً وأن تكون ما استفهامية كما في قراءة الجمهور وأغرك بمعنى أدخلك في الغرة وقوله سبحانه :
﴿ الذى خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ﴾ صفة ثانية مقررة للربوبية مبينة للكرم مومية إلى صحة ما كذب من البعث والجزاء موطئة لما بعد حيث نبهت على أن من قدر على ذلك بدأ أقدر عليه إعادة والتسوية جعل الأعضاء سوية سليمة معدة لمنافعها وهي في الأصل جعل الأشياء على سواء فتكون على وفق الحكمة ومقتضاها بإعطائها ما تتم به وعدلها عدل بعضها ببعض بحيث اعتدلت من عدل فلاناً بفلان إذا ساوى بينهما أو صرفها عن خلقة غير ملائمة لها من عدل بمعنى صرف وذهب إلى الأول الفارسي وإلى الثاني الفراء وقرأ غير واحد من السبعة عدلك بالتشديد أي صيرك معتدلاً متناسب الخلق من غير تفاوت فيه ونقل القفال عن بعضهم إن عدل وعدل بمعنى واحد.
﴿ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (٨) ﴾
صورة اقتضتها مشيئته تعالى وحكمته جل وعلا من الصور المختلفة في الطول والقصر ومراتب الحسن ونحوها فالجار والمجرور متعلق بركبك وأي للصفة مثلها في قوله
: أرأيت أي سوالف وخدود...


الصفحة التالية
Icon