وعن ابن عباس وعطاء : الإِنسان هنا الوليد بن المغيرة، وعن عكرمة المراد أبيّ بن خلف، وعن ابن عباس أيضاً : المراد أبو الأشد بن كَلَدَة الجُمحِي، وعن الكلبي ومقاتل : نزلت في الأسود بن شَريق.
والاستفهام مجاز في الإِنكار والتعجيب من الإِشراك بالله، أي لا موجب للشرك وإنكار البعث إلا أن يكون ذلك غروراً غرّه عنا كناية عن كون الشرك لا يخطر ببال العاقل إلا أن يغره به غار، فيحتمل أن يكون الغرور موجوداً ويحتمل أن لا يكون غروراً.
والغرور : الإِطماع بما يتوهمه المغرور نفعاً وهو ضرّ، وفعلُه قد يسند إلى اسم ذات المُطمع حقيقة مثل :﴿ ولا يغرنكم باللَّه الغرور ﴾ [ لقمان : ٣٣ ] أو مجازاً نحو :﴿ وغرتكم الحياة الدنيا ﴾ [ الجاثية : ٣٥ ] فإن الحياة زمان الغرور، وقد يسند إلى اسم معنى من المعاني حقيقة نحو :﴿ لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد ﴾ [ آل عمران : ١٩٦ ].
وقول امرىء القيس :
أغرَّك مني أن حبك قاتلي
أو مجازاً نحو قوله تعالى :﴿ زخرف القول غروراً ﴾ [ الأنعام : ١١٢ ].
ويتعدى فعله إلى مفعول واحد، وقد يذكر مع مفعوله اسم ما يتعلق الغرور بشؤونه فيعدى إليه بالباء، ومعنى الباء فيه الملابسة كما في قوله :﴿ ولا يغرنكم باللَّه الغرور ﴾ [ لقمان : ٣٣ ]، أي لا يغرنكم غروراً متلبساً بشأن الله، أي مصاحباً لشؤون الله مصاحبة مجازية وليست هي بَاء السببية كما يقال : غره ببذل المال، أو غرّه بالقول.
وإذ كانت الملابسة لا تتصوّر ماهيتها مع الذوات فقد تعين في باء الملابسة إذا دخلت على اسم ذات أن يكون معها تقدير شأن من شؤون الذات يفهم من المقام، فالمعنى هنا : ما غرك بالإِشراك بربك كما يدل عليه قوله :﴿ الذي خلقك فسواك فعدلك ﴾ الآية فإن منكر البعث يومئذ لا يكون إلاّ مشركاً.