الأولى قوله تعالى :﴿ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ ﴾ : أي كالوا لهم أو وزنوا لهم فحذفت اللام، فتعدى الفعل فَنَصب ؛ ومثله نصحتك ونصحت لك، وأمرتك به وأمرتكه ؛ قاله الأخفش والفراء.
قال الفراء : وسمعت أعرابية تقول إذا صَدَر الناسُ أتينا التاجرَ فيكيلنا المُدّ والمُدّين إلى الموسم المقبل.
وهو من كلام أهل الحجاز ومن جاورهم من قيس.
قال الزجاج : لا يجوز الوقف على "كالُوا" و "ووزنوا" حتى تصل به "هُمْ" قال : ومن الناس من يجعلها توكيداً، ويجيز الوقف على "كالُوا" و "وزَنوا" والأوّل الاختيار ؛ لأنها حرف واحد.
هو قول الكسائيّ.
قال أبو عبيد : وكان عيسى بن عمر يجعلها حرفين، ويقف على "كالوا" و "وزنوا" ويبتدىء "هُمْ يجسِرون" قال : وأحسب قراءة حمزة كذلك أيضاً.
قال أبو عبيد : والاختيار أن يكونا كلمة واحدة من جهتين : إحداهما : الخطّ ؛ وذلك أنهم كتبوهما بغير ألف، ولو كانتا مقطوعتين لكانتا "كالوا" و "وزنوا" بالألف، والأخرى : أنه يقال : كِلْتك ووزنتُك بمعنى كلت لك، ووزنت لك، وهو كلام عربي ؛ كما يقال : صِدْتُك وصِدْت لك، وكسبتُك وكسبْتُ لَك، وكذلك شكرتك ونصحتك ونحو ذلك.
قوله :﴿ يُخْسِرُونَ ﴾ : أي يَنْقُصون ؛ والعرب تقول : أخسرت الميزان وخَسَرته.
و"هم" في موضع نصب، على قراءة العامة، راجع إلى الناس، تقديره "وإِذا كالوا" الناس "أو وزنوهم يُخْسِرون" وفيه وجهان : أحدهما أن يراد كالوا لهم أو وزنوا لهم، فحذف الجار، وأوصل الفعل، كما قال :
ولقَدْ جَنَيتُكَ أَكْمُؤًا وعساقِلاً...
ولقد نهيتُك عن بنات الأَوبرِ
أراد : جنيت لك، والوجه الآخر : أن يكون على حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مُقامه، والمضاف هو المكيل والموزون.
وعن ابن عباس رضي الله عنه : إنكم معاشر الأعاجم وَلِيتم أمرين بهما هلك من كان قبلكم : المِكيالَ والمِيزان.