قلت : قد ذكرناه مرفوعاً من حديث أبي سعيد الخدريّ عن النبي ﷺ :" إنه لَيُخَّفف عن المؤمن، حتى يكون أخفَّ عليه من صلاة المكتوبة يصلّيها في الدنيا " في "سأل سائل".
وعن ابن عباس : يَهون على المؤمنين قدرُ صلاتهم الفريضة.
وقيل : إن ذلك المقام على المؤمن كزوال الشمس ؛ والدليل على هذا من الكتاب قوله الحق :﴿ ألا إِنَّ أَوْلِيَآءَ الله لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [ يونس : ٦٢ ] ثم وصفهم فقال :﴿ الذين آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ ﴾ [ يونس : ٦٣ ] جعلنا الله منهم بفضله وكرمه وجوده.
ومنه آمين.
وقيل : المراد بالناس جبريل عليه السلام يقوم لرب العالمين ؛ قاله ابن جُبير.
وفيه بُعد ؛ لما ذكرنا من الأخبار في ذلك، وهي صحيحة ثابتة، وحسُبك بما في صحيح مسلم والبخاريّ والترمذيّ من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
" يوم يقوم الناس لِرب العالمِين " قال :" يقوم أحدهم في رشْحه إلى نصف أذنيه " ثم قيل : هذا القيام يوم يقومون من قبورهم.
وقيل : في الآخرة بحقوق عباده في الدنيا.
وقال يزيد الرشك : يقومون بين يديه للقضاء.
الرابعة القيام لله رب العالمين سبحانه حَقير بالإضافة إلى عظمته وحقه، فأما قيام الناس بعضهم لبعض فاختلف فيه الناس ؛ فمنهم من أجازه، ومنهم من منعه.
وقد رُوي أن النبيّ ﷺ قام إلى جعفر بن أبي طالب واعتنقه، وقام طلحة لكعب بن مالك يوم تِيب عليه.
" وقول النبي ﷺ للأنصار حين طلع عليه سعد بن مُعاذ :"قوموا إلى سيِّدكم" " وقال أيضاً :" من سره أن يتمثل له الناس قياماً فليتبوأْ مقعده من النار " وذلك يرجع إلى حال الرجل ونيته، فإن انتظر ذلك واعتقده لنفسه، فهو ممنوع، وإن كان على طريق البشاشة والوُصلة فإنه جائز، وخاصة عند الأسباب، كالقدوم من السفر ونحوه.
وقد مضى في آخر سورة "يوسف" شيء من هذا. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٩ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon