وقال البغوي : قال أكثر المفسرين : عن رؤيته، وقال : إن الإمامين الشافعي وشيخه مالكاً استدلا بهذه الآية على الرؤية، وأسند الحافظ أبو نعيم في الحلية في ترجمة الشافعي أنه قال : في هذه الآية دلالة على أن أولياءه يرونه على صفته، وقال ابن الفضل : كما حجبهم في الدنيا عن توحيده حجبهم في الآخرة عن رؤيته، وقال الحسن : لو علم الزاهدون والعابدون أنهم لا يرون ربهم في المعاد لزهقت أنفسهم في الدنيا.
وقال القشيري : ودليل الخطاب يوجب أن يكون المؤمنون يرونه كما يعرفونه اليوم انتهى.
وفيه تمثيل لإهانتهم بإهانة من يمنع الدخول على الملك.
ولما بين ما لهم من العذاب بالحجاب الذي هو عذاب القلب الذي لا عذاب أشد منه، لأنه يتفرع عنه جميع العذاب، شرع يبين بعض ما تفرع عنه من عذاب القالب مؤكداً لأجل إنكارهم معبراً بأداة التراخي إعلاماً بعلو رتبته في أنواع العذاب فقال :﴿ثم إنهم﴾ أي بعد ما شاء الله من إمهالهم ﴿لصلوا الجحيم﴾ أي لدخلو النار العظمى ويقيمون فيها مقاسون لحرها ويغمسون فيها كما تغمس الشاة المصلية أي المشوية.
ولما بين ما لهم من الفعل الذي هو للقلب والقالب، أتبعه القول بالتوبيخ والتبكيت الذي هو عذاب النفس، وبناه للمفعول لأن المنكىء سماعه لا كونه من معين، وإشارة إلى أنه يتمكن من قوله لهم كل من يصح منه القول من خزنة النار ومن أهل الجنة وغيرهم لأنه لا منعة عندهم :﴿ثم يقال﴾ أي لهم بعد مدة تبكيتاً وتقريعاً وتنديماً وتبشيعاً :﴿هذا﴾ أي العذاب الذي هو حالّ بكم ﴿الذي كنتم﴾ أي بما لكم من الجبلات الخبيثة ﴿به﴾ أي خاصة لأن تكذيبكم بغيره بالنسبة إليه لما له من القباحة ولكم من الرسوخ فيه والملازمة له ( ؟ ) ﴿تكذبون﴾ أي توقعون التكذيب به وتجددونه مستمرين عليه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٨ صـ ٣٥٧ ـ ٣٦١﴾


الصفحة التالية
Icon