كما في قوله :﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدين﴾ [ الإنفطار : ١٧ ] قال صاحب "الكشاف" : والصحيح أن السجين فعيل مأخوذ من السجن، ثم إنه ههنا اسم علم منقول من صف كحاتم وهو منصرف، لأنه ليس فيه إلا سبب واحد وهو التعريف، إذا عرفت هذا، فنقول قد ذكرنا أن الله تعالى أجرى أموراً مع عباده على ما تعارفوه من التعامل فيما بينهم وبين عظمائهم.
فالجنة موصوفة بالعلو والصفاء والفسحة وحضور الملائكة المقربين، والسجين موصوف بالتسفل والظلمة والضيق وحضور الشياطين الملعونين، ولا شك أن العلو والصفاء والفسحة وحضور الملائكة المقربين، كل ذلك من صفات الكمال والعزة، وأضدادها من صفات النقص والذلة، فلما أريد وصف الكفرة وكتابهم بالذلة والحقارة، قيل : إنه في موضع التسفل والظلمة والضيق، وحضور الشياطين، ولما وصف كتاب الأبرار بالعزة قيل : إنه ﴿لَفِى عِلّيّينَ﴾ [ المطففين : ١٨ ].
و﴿يَشْهَدُهُ المقربون﴾ [ المطففين : ٢١ ].
السؤال الثاني : قد أخبر الله عن كتاب الفجار بأنه ﴿فِى سِجّينٍ﴾ ثم فسر سجيناً ب ﴿كتاب مَّرْقُومٌ﴾ فكأنه قيل : إن كتابهم في كتاب مرقوم فما معناه ؟ أجاب القفال : فقال قوله :﴿كتاب مَّرْقُومٌ﴾ ليس تفسيراً لسجين، بل التقدير : كلا إن كتاب الفجار لفي سجين، وإن كتاب الفجار كتاب مرقوم، فيكون هذا وصفاً لكتاب الفجار بوصفين أحدهما : أنه في سجين والثاني : أنه مرقوم، ووقع قوله :﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجّينٌ﴾ فيما بين الوصفين معترضاً، والله أعلم.