أما قوله :﴿يُنظَرُونَ﴾ ففيه ثلاثة أوجه أحدها : ينظرون إلى أنواع نعمهم في الجنة من الحور العين والولدان، وأنواع الأطعمة والأشربة والملابس والمراكب وغيرها، قال عليه السلام :" يلحظ المؤمن فيحيط بكل ما آتاه الله وإن أدناهم يتراءى له مثل سعة الدنيا " والثاني : قال مقاتل : ينظرون إلى عدوهم حين يعذبون في النار والثالث : إذا اشتهوا شيئاً نظروا إليه فيحضرهم ذلك الشيء في الحال، واعلم أن هذه الأوجه الثلاثة من باب أنواع جنس واحد وهو المنظور إليه، فوجب حمل اللفظ على الكل، ويخطر ببالي تفسير رابع : وهو أشرف من الكل وهو أنهم ينظرون إلى ربهم ويتأكد هذا التأويل بما إنه قال بعد هذه الآية :﴿تَعْرِفُ فِى وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النعيم﴾ والنظر المقرون بالنضرة هو رؤية الله تعالى على ما قال :﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إلى رَبّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [ القيامة : ٢٣ ٢٢ ] ومما يؤكد هذا التأويل أنه يجب الابتداء بذكر أعظم اللذات، وما هو إلا رؤية الله تعالى وثانيها : قوله تعالى :﴿تَعْرِفُ فِى وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النعيم﴾ وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :
المعنى إذا رأيتهم عرفت أنهم أهل النعمة بسبب ما ترى في وجوههم من القرائن الدالة على ذلك ثم في تلك القرائن قولان :
أحدهما : أنه ما يشاهد في وجوههم من الضحك والاستبشار، على ما قال تعالى :﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ * ضاحكة مُّسْتَبْشِرَةٌ﴾ [ عبس : ٣٩ ٣٨ ].
والثاني : قال عطاء إن الله تعالى يزيد في وجوههم من النور والحسن والبياض ما لا يصفه واصف، وتفسير النضرة : قد سبق عند قوله :﴿نَّاضِرَةٌ ﴾.
المسألة الثانية :
قرىء :﴿تَعْرِفُ﴾ على البناء للمفعول ﴿جنات النعيم﴾ بالرفع.
وثالثها : قوله :﴿يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ﴾ وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :
في بيان أن الرحيق ما هو ؟ قال الليث :﴿الرحيق﴾ الخمر.
وأنشد لحسان.


الصفحة التالية
Icon