﴿ إِنَّ الأبرار لَفِى نَعِيمٍ ﴾ شروع في بيان محاسن أحوالهم إثر بيان حال كتابهم والجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً كأنه قيل هذا حال كتابهم فما حالهم فأجيب بما ذكر أي أنهم لفي نعيم عظيم.
﴿ على الأرائك ﴾ أي على الأسرة في الحجال وقد تقدم تمام الكلام فيها ﴿ يُنظَرُونَ ﴾ أي إلى ما شاؤا من رغائب مناظر الجنة وما تحجب الحجال أبصارهم وقال ابن عباس وعكرمة ومجاهد إلى ما أعد الله تعالى لهم من الكرامات وقال مقاتل إلى أهل النار أعدائهم ولم يرتضه بعض ليكون ما في آخر السورة تأسيساً وقيل ينظر بعضهم إلى بعض فلا يحجب حبيب عن حبيبه وقيل النظر كناية عن سلب النونم فكأنه قيل لا ينامون وكأنه لدفع توهم النوم من ذكر الأرائك المعدة للنوم غالباً وفيه إشارة إلى أنه لا نوم في الجنة كما وردت به الأخبار لما فيه من زوال الشعور وغفلة الحواس إلى غير ذلك مما لا يناسب ذلك المقام وليه يكون قوله سبحانه :
﴿ تَعْرِفُ فِى وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النعيم ﴾ أي بهجة النعيم ورونقه لنفي ما يوهمه سلب النوم من الضعف وتغير بهجة الوجه كما في الدنيا وهو وجه لا يعرف فيه الناظر نضرة التحقيق والخطاب في تعرف لكل من له حظ من الخطاب للإيذان بأن مال هم من آثار النعمة وأحكام البهجة بحيث لا يختص براء دون راء وقرأ أبو جعفر وابن أبي إسحاق وطلحة وشيبة ويعقوب تعرف مبنياً للمفعول نضرة رفعاً على النيابة عن الفاعل وجوز بعضهم أن يكون نائب فاعل تعرف ضمير ﴿ الأبرار ﴾ وفي وجوههم نضرة مبتدأ وخبر كأنه قيل تعرف الأبرار بأن في وجوههم نضرة النعيم وليس بشيء كما لا يخفى وقرأ زيد بن علي كذلك إلا أنه قرأ يعرف بالياء إذ تأنيث نضرة مجازي.
﴿ يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ ﴾ قال الخليل هو أجود الخمر وقال الأخفش والزجاج الشراب الذي لا غش فيه قال حسان
: يسقون من ورد البريص عليهم...
بردى يصفق بالرحيق السلسل
وفسر ههنا بالشراب الخالص مما يكدر حتى الغول.


الصفحة التالية
Icon