"يَشْهَدُهُ" من الملائكة "الْمُقَرَّبُونَ" ٢١ لكرامة أهله وشرفهم عند ربهم، أخرج ابن المبارك عن قمرة بن حبيب قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إن الملائكة يرفعون اعمال العبد من عباد اللّه تعالى يستكثرونه ويزكونه حتى يبلغوا به إلى حيث شاء اللّه تعالى من سلطانه، فيوحي اللّه تعالى إليهم أنكم حفظة على عمل عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه، إن عبدي هذا لم يخلص لي عمله فاجعلوه في سجين، ويصعدون بعمل العبد يستقلونه ويستحقرونه حتى يبلغوا به إلى حيث شاء اللّه من سلطانه، فيوحي إليهم أنكم حفظة على عمل عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه، إن عبدي هذا أخلص لي في عمله فاجعلوه في عليين.
مطلب مقام الأبرار والفجار، وشراب كل منهما، والجنة والنار :
قال تعالى "إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ" ٢٢ جمع بار وهم المتصفون بطاعة اللّه المنتهون عن مخالفته، المؤمنون بالبعث، الموفون الكيل والميزان، وهذا بمقابلة قوله تعالى (إِنَّ الْفُجَّارَ) بما يدل على أن المراد بهم الكفار لا غير، فهؤلاء الكرام مقرهم عند اللّه في نعيم الجنة الدائم، وهذا بيان اللّه تعالى بحسن أحوالهم في الآخرة جزاء أعمالهم الطاهرة، كأنه قيل قد علمنا كتابهم فما هو حالهم، فيقال نعيم الجنان تراهم "عَلَى الْأَرائِكِ" الأسرة في الحجال "يَنْظُرُونَ" ٢٣ إلى عظمة ربهم جل جلاله وإلى ما أعده إليهم في داره الباقية، وإلى ما شاءوا من رغائب مناظر الجنة، وهم في محلهم لا يحجب أبصارهم الحجال التي هم فيها ولا غيرها، وفي قوله تعالى ينظرون إشارة إلى أنه لا نوم في الجنة، كما وردت بذلك الأخبار، لما في النوم من زوال الشعور وغفلة الحواس، وهذا لا يناسب ذلك المقام.
قال تعالى "تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ" الباهية الحسنة اللامعة النضرة "نَضْرَةَ النَّعِيمِ" ٢٤ بهجته


الصفحة التالية
Icon