وهذا مما يؤيد عدم معرفته صلّى اللّه عليه وسلم الكتابة كما ذكرنا في الآية ٤٨ من سورة العنكبوت المارة، قال ثم عرضت عليه ثانيا أن يتزود من مالي ما شاء فقال يا سراقة إذا لم ترغب في دين الإسلام فإني لا أرغب في إبلك ومواشيك، فقلت مرني بما شئت، فقال لا تترك أحدا يلحتنا، وقال كيف بك يا سرافة إذا
تسورت بسواري كسرى ؟ فقلت متعجبا كسرى بن هرمز ؟ قال نعم، فرجعت ومضى رسول اللّه ومن معه لجهة المدينة، قال سراقة ولما عدت إلى مكة اجتمع إليّ الناس يسألونني عما حدث لي مع رسول اللّه، فأنكرت أولا رؤيته بتاتا، ولكنهم عادوا علي واستخبروني فأخبرت أبا جهل بما حدث فلامني على ما كان مني، فأنشدته معتذرا بما ألقى اللّه على قلبي ولساني فقلت :
أبا حكم واللّه لو كنت شاهدا لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه
علمت ولم تشكك بأن محمدا رسول ببرهان فمن ذا يقاومه
قالوا ولما كان عام الفتح وكان رسول اللّه عائدا من غزوة حنين بالجعرانة، إذا بصائح يصيح يا رسول اللّه، حتى أنخرط في كتيبة الأنصار وهو ينادي يا رسول أنا سراقة بن مالك، وهذا كتاب عهدي منك، فقال صلّى اللّه عليه وسلم أدنوه، فهذا اليوم يرى وفاء، وقال له إن وعد الحرّ دين، فأسلم وحسن إسلامه وحظي بسواري كسرى زمن خلافة ابن الخطاب، وأخبر بأن هذا مما أخبره محمد صلّى اللّه عليه وسلم بهما عام الهجرة.
فهي من معجزاته صلّى اللّه عليه وسلم.


الصفحة التالية
Icon