وقال النسفى :
سورة المطففين
مختلف فيها وهي ست وثلاثون آية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿ وَيْلٌ ﴾ مبتدأ خبره ﴿ لّلْمُطَفّفِينَ ﴾ للذين يبخسون حقوق الناس في الكيل والوزن ﴿ الذين إِذَا اكتالوا عَلَى الناس يَسْتَوْفُونَ ﴾ أي إذا أخذوا بالكيل من الناس يأخذون حقوقهم وافية تامة.ولما كان اكتيالهم من الناس اكتيالاً يضرهم ويتحامل فيه عليهم أبدل على مكان من للدلالة على ذلك، ويجوز أن يتعلق "على" ب ﴿ يَسْتَوْفُونَ ﴾ ويقدم المفعول على الفعل لإفادة الاختصاص أي يستوفون على الناس خاصة.
وقال الفراء :"من" و "على" يعتقبان في هذا الموضع لأنه حق عليه، فإذا قال : اكتلت عليك فكأنه قال : أخذت ما عليك، وإذا قال : اكتلت منك فكأنه قال : استوفيت منك.
والضمير المنصوب في ﴿ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ ﴾ راجع إلى الناس أي كالوا لهم أو وزنوا لهم فحذف الجار وأوصل الفعل.
وإنما لم يقل أو اتزنوا كما قيل ﴿ أَوْ وَّزَنُوهُمْ ﴾ اكتفاء، ويحتمل أن المطففين كانوا لا يأخذون ما يكال ويوزن إلا بالمكاييل لتمكنهم بالاكتيال من الاستيفاء والسرقة لأنهم يدعدعون ويحتالون في الملء، وإذا أعطوا كالوا أو وزنوا لتمكنهم من البخس في النوعين ﴿ يُخْسِرُونَ ﴾ ينقصون يقال خسر الميزان وأخسره.
﴿ أَلا يَظُنُّ أولئك أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ يعني يوم القيامة.
أدخل همزة الاستفهام على "لا" النافية توبيخاً وليست "ألا" هذه للتنبيه، وفيه إنكار وتعجيب عظيم من حالهم في الاجتراء على التطفيف كأنهم لا يخطرون ببالهم ولا يخمنون تخميناً أنهم مبعوثون ومحاسبون على مقدار الذرة، ولو ظنوا أنهم يبعثون ما نقصوا في الكيل والوزن.