قيل : جاء علي رضي الله عنه في نفر من المسلمين فسخر منهم المنافقون وضحكوا وتغامزوا وقالوا : أترون هذا الأصلع فنزلت قبل أن يصل عليّ إلى رسول الله ﷺ ﴿ وَإِذَا انقلبوا إلى أَهْلِهِمْ ﴾ أي إذا رجع إلى الكفار منازلهم ﴿ انقلبوا فَكِهِينَ ﴾ متلذذين بذكرهم والسخرية منهم.
وقرأ غير حفص ﴿ فاكهين ﴾ أي فرحين ﴿ وَإِذَا رَأَوْهُمْ ﴾ وإذا رأى الكافرون المؤمنين ﴿ قَالُواْ إِنَّ هَؤُلاَءِ لَضَالُّونَ ﴾ أي خدع محمد هؤلاء فضلوا وتركوا اللذات لما يرجونه في الآخرة من الكرامات، فقد تركوا الحقيقة بالخيال وهذا هو عين الضلال ﴿ وَمَا أُرْسِلُواْ ﴾ وما أرسل الكفار ﴿ عَلَيْهِمْ ﴾ على المؤمنين ﴿ حافظين ﴾ يحفظون عليهم أحوالهم ويرقبون أعمالهم بل أمروا بإصلاح أنفسهم فاشتغالهم بذلك أولى بهم من تتبع غيرهم وتسفيه أحلامهم ﴿ فاليوم ﴾ أي من يوم القيامة ﴿ الذين ءَامَنُواْ مِنَ الكفار يَضْحَكُونَ ﴾ ثم كما ضحكوا منهم هنا مجازاة ﴿ عَلَى الأرآئك يَنظُرُونَ ﴾ حال أي يضحكون منهم ناظرين إليهم وإلى ما هم فيه من الهوان والصغار بعد العزة والاستكبار وهم على الأرائك آمنون.
وقيل : يفتح للكفار باب إلى الجنة فيقال لهم : هلموا إلى الجنة، فإذا وصلوا إليها أغلق دونهم فيضحك المؤمنون منهم ﴿ هَلْ ثُوِّبَ الكفار مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ﴾ هل جوزوا بسخريتهم بالمؤمنين في الدنيا إذا فعل بهم ما ذكر؟ والله أعلم. أ هـ ﴿تفسير النسفى حـ ٤ صـ ٣٣٩ ـ ٣٤٢﴾