﴿ كَلاَّ ﴾ ردع على التطفيف أو افتتاح كلام ﴿ إِنَّ كِتَابَ الفجار لَفِي سِجِّينٍ ﴾ كتاب الفجار هو ما يكتب من أعمالهم، والفجار هنا يحتمل أن يريد به الكفار أو المطففين وإن كانوا مسلمين، والأول أظهر لقوله بعد هذا :﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴾ وسجين : اسم علم منقول من صفة على وزن فعيل للمبالغة، وقد عظم أمره بقوله :﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ ﴾، ثم فسره بأنه :﴿ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ ﴾ أي مسطور بين الكتابين وهو كتاب جامع يكتب فيه أعمال الشياطين والكفار، والفجار وهو مشتق من السجن بمعنى الحبس، لأنه سبب الحبس و التضييق، في جهنم ولأنه في مكان الهوان والعذاب كالسجن، فقد روي عن النبي ﷺ أنه في الأرض السفلى، وروُي عنه أنه في بئر هناك، وحكى كعب عن التوراة أنه في شجرة سوداء هنالك، وقال ابن عطية : يحتمل أن يكون معنى الآية أن عدد الفجار في سجين أي كتبوا هنالك في الأزل.
﴿ أَسَاطِيرُ الأولين ﴾ قد ذكر ﴿ بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ أي غطى على قلوبهم ما كسبوا من الذنوب، فطمس بصائرهم فصاروا لا يعرفون الرشد من الغي، وفي الحديث :" إن العبد إذا أذنب ذنباً صارت نكتة سوداء في قلبه فإذا زاد ذنب آخر زاد السواد فلا يزال كذلك حتى يتغطى وهو الران " ﴿ لَّمَحْجُوبُونَ ﴾ حُجب الكفار عن الله، على أن المؤمنين لا يُحجبون وقد استدل بها مالك والشافعي على صحة رؤية المؤمن لله في الآخرة، وتأويلها المعتزلة أن معناها محجوبون عن رحمته.