غاية ما في هذا أن متعلق الاستيفاء، وهو على الناس، مذكور وهو في ﴿ كالوهم أو وزنوهم ﴾، محذوف للعلم به لأنه معلوم أنهم لا يخسرون الكيل والميزان إذا كان لأنفسهم، إنما يخسرون ذلك لغيرهم.
وقال الزمخشري : فإن قلت : هل لا.
قيل أو اتزنوا، كما قيل أو وزنوهم؟ قلت : كأن المطففين كانوا لا يأخذون ما يكال ويوزن إلا بالمكاييل دون الموازين لتمكنهم بالاكتيال من الاستيفاء والسرقة، لأنهم يدعدعون ويحتالون في الملء، وإذا أعطوا كالوا أو وزنوا لتمكنهم من البخس في النوعين جميعاً.
﴿ يخسرون ﴾ : ينقصون. انتهى.
ويخسرون معدّى بالهمزة، يقال : خسر الرجل وأخسره غيره.
﴿ ألا يظن ﴾ : توقيف على أمر القيامة وإنكار عليهم في فعلهم ذلك، أي ﴿ ليوم عظيم ﴾، وهو يوم القيامة، ويوم ظرف، العامل فيه مقدر، أي يبعثون يوم يقوم الناس.
ويجوز أن يعمل فيه مبعوثون، ويكون معنى ﴿ ليوم ﴾ : أي لحساب يوم.
وقال الفراء : هو بدل من يوم عظيم، لكنه بني وقرىء ﴿ يوم يقوم ﴾ بالجر، وهو بدل من ﴿ ليوم ﴾، حكاه أبو معاد.
وقرأ زيد بن عليّ : يوم بالرفع، أي ذلك يوم، ويظن بمعنى يوقن، أو هو على وضعه من الترجيح.
وفي هذا الإنكار والتعجب، ووصف اليوم بالعظم، وقيام الناس لله خاضعين، ووصفه برب العالمين، دليل على عظم هذا الذنب وهو التطفيف.
﴿ كلا ﴾ : ردع لما كانوا عليه من التطفيف، وهذا القيام تختلف الناس فيه بحسب أحوالهم، وفي هذا القيام إلجام العرق للناس، وأحوالهم فيه مختلفة، كما ورد في الحديث.
والفجار : الكفار، وكتابهم هو الذي فيه تحصيل أعمالهم.
﴿ وسجين ﴾، قال الجمهور : فعيل من السجن، كسكير، أو في موضع ساجن، فجاء بناء مبالغة، فسجين على هذا صفة لموضع المحذوف.
قال ابن مقبل :
ورفقة يضربون البيض ضاحية...
ضرباً تواصت به الأبطال سجينا