وقال الزمخشري : فإن قلت :﴿ ما سجين ﴾، أصفة هو أم اسم؟ قلت : بل هو اسم علم منقول من وصف كحاتم، وهو منصرف لأنه ليس فيه إلا سبب واحد وهو التعريف. انتهى.
وكان قد قدم أنه كتاب جامع، وهو ديوان الشر، دوّن الله فيه أعمال الشياطين وأعمال الكفرة والفسقة من الجن والإنس، وهو :﴿ كتاب مرقوم ﴾ : مسطور بين الكتابة، أو معلم يعلم من رآه أنه لا خير فيه، والمعنى : أن ما كتب من أعمال الفجار مثبت في ذلك الديوان. انتهى.
واختلفوا في سجين إذا كان مكاناً اختلافاً مضطرباً حذفنا ذكره.
والظاهر أن سجيناً هو كتاب، ولذلك أبدل منه ﴿ كتاب مرقوم ﴾.
وقال عكرمة : سجين عبارة عن الخسار والهوان، كما تقول : بلغ فلان الحضيض إذا صار في غاية الجمود.
وقال بعض اللغويين : سجين، نونه بدل من لام، وهو من السجيل، فتلخص من أقوالهم أن سجين نونه أصلية، أو بدل من لام.
وإذا كانت أصلية، فاشتقاقه من السجن.
وقيل : هو مكان، فيكون ﴿ كتاب مرقوم ﴾ خبر مبتدأ محذوف، أي هو كتاب.
وعني بالضمير عوده على ﴿ كتاب الفجار ﴾، أو على ﴿ سجين ﴾ على حذف، أي هو محل ﴿ كتاب مرقوم ﴾، و﴿ كتاب مرقوم ﴾ تفسير له على جهة البدل أو خبر مبتدأ.
والضمير المقدر الذي هو عائد على ﴿ سجين ﴾، أو كناية عن الخسار والهوان، هل هو صفة أو علم؟ ﴿ وما أدراك ما سجين ﴾ : أي ليس ذلك مما كنت تعلم.
مرقوم : أي مثبت كالرقم لا يبلى ولا يمحى.
قال قتادة : رقم لهم : بشر، لا يزاد فيهم أحد ولا ينقص منهم أحد.
وقال ابن عباس والضحاك : مرقوم : مختوم بلغة حمير، وأصل الرقم الكتابة، ومنه قول الشاعر :
سأرقم في الماء القراح إليكم...
على بعدكم إن كان للماء راقم
وتبين من الإعراب السابق أن ﴿ كتاب مرقوم ﴾ بدل أو خبر مبتدأ محذوف.
وكان ابن عطية قد قال : إن سجيناً موضع ساجن على قول الجمهور، وعبارة عن الخسار على قول عكرمة، من قال :﴿ كتاب مرقوم ﴾.


الصفحة التالية
Icon