﴿وفي ذلك﴾ أي : الأمر العظيم البعيد التناول، وهو العيش والنعيم أو الشراب الذي هذا وصفه ﴿فليتنافس﴾ أي : فليرغب غاية الرغبة بجميع الجهد والاختيار ﴿المتنافسون﴾ أي : الذين من شأنهم المنافسة، وهو أن يطلب كل منهم أن يكون ذلك المتنافس فيه لنفسه خاصة دون غيره ؛ لأنه نفيس جداً، والنفيس هو الذي تحرص عليه نفوس الناس وتتغالى فيه، والمنافسة في مثل هذا بكثرة الأعمال الصالحة والنيات الخالصة.
وقال مجاهد : فليعمل العاملون نظيره قوله تعالى :﴿لمثل هذا فليعمل العاملون﴾ (الصافات :)
وقال مقاتل بن سليمان : فليسارع المتسارعون. وقال عطاء : فليستبق المستبقون. وقال الزمخشري : فليرتقب المرتقبون. والمعنى : واحد. وأصله من الشيء النفيس الذي تحرص عليه نفوس الناس ويريده كل أحد لنفسه، وينفس فيه على غيره أي : يضنّ.
﴿ومزاجه﴾ أي : ما يمزج به ذلك الرحيق ﴿من تسنيم﴾ وهو علم لعين بعينها سميت بالتسنيم الذي هو مصدر سنمه إذا رفعه ؛ لأنها تأتيهم من فوق على ما روي أنها تجري في الهواء مسنمة فتصب في أواني أهل الجنة على مقدار الحاجة، فإذا امتلأت أمسكت.
وقوله تعالى :﴿عيناً﴾ نصب على المدح، وقال الزجاج : نصب على الحال. ﴿يشرب بها﴾ أي : بسببها على طريقة المزج منها ﴿المقرّبون﴾ وضمن يشرب معنى يلتذ، فهم يشربونها صرفاً، وتمزج سائر أهل الجنة.
﴿إنّ الذين أجرموا﴾ أي : قطعوا ما أمر الله به أن يوصل، وهم رؤوساء قريش. ﴿كانوا من الذين آمنوا﴾ وهم فقراء الصحابة عمار وصهيب وخباب وبلال وغيرهم من فقراء المؤمنين ﴿يضحكون﴾ أي : استهزاء بهم.
﴿وإذا مرّوا﴾ أي : المؤمنون ﴿بهم﴾ أي : بالذين أجرموا ﴿يتغامزون﴾ أي : يشير المجرمون إلى المؤمنين بالجفن والحاجب استهزاء بهم. وقيل : يغمز بعضهم بعضاً ويشيرون بأعينهم.x