﴿ وَإِذَا رَأَوْهُمْ ﴾ أي إذا رأى هؤلاء الكفار أصحاب محمد ﷺ ﴿ قالوا إِنَّ هؤلاء لَضَالُّونَ ﴾ في اتباعهم محمداً ﷺ ﴿ وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ ﴾ لأعمالهم، موكلين بأحوالهم، رقباء عليهم ﴿ فاليوم ﴾ يعني هذا اليوم الذي هو يوم القيامة ﴿ الذين آمَنُواْ ﴾ بمحمد ﷺ ﴿ مِنَ الكفار يَضْحَكُونَ ﴾ كما ضحك الكفار منهم في الدنيا.
نظيره في آخر سورة "المؤمنين" وقد تقدم.
وذكر ابن المبارك : أخبرنا محمد بن بشار عن قتادة في قوله تعالى ﴿ فاليوم الذين آمَنُواْ مِنَ الكفار يَضْحَكُونَ ﴾ قال : ذُكِر لنا أن كعباً كان يقول إن بين الجنة والنار كُوًى، فإذا أراد المؤمن أن ينظر إلى عدوّ كان له في الدنيا اطلع من بعض الكُوَى ؛ قال الله تعالى في آية أخرى :﴿ فاطلع فَرَآهُ فِي سَوَآءِ الجحيم ﴾ [ الصافات : ٥٥ ] قال : ذُكِر لنا أنه اطلع فرأى جماجم القوم تَغْليِ.
وذكر ابن المبارك أيضاً : أخبرنا الكلبيّ عن أبي صالح في قوله تعالى ﴿ الله يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ ﴾ [ البقرة : ١٥ ] قال : يقال لأهل النار وهم في النار : اخرجوا، فتفتح لهم أبواب النار، فإذا رأوها قد فتحت أقبلوا إليها يريدون الخروج، والمؤمنون ينظرون إليهم على الأرائك، فإذا انتهوا إلى أبوابها غُلِّقت دونهم ؛ فذلك قوله ؛
﴿ الله يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ ﴾ [ البقرة : ١٥ ] ويضحك منهم المؤمنون حين غُلقِّتْ دونهم فذلك قوله تعالى :﴿ فاليوم الذين آمَنُواْ مِنَ الكفار يَضْحَكُونَ ﴾.
﴿ عَلَى الأرآئك يَنظُرُونَ ﴾ ﴿ هَلْ ثُوِّبَ الكفار مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ﴾ وقد مضى هذا في أول سورة "البقرة".
ومعنى "هل ثُوِّب" أي هل جُوزي بسخريتهم في الدنيا بالمؤمنين إذا فُعِل بهم ذلك.
وقيل : إنه متعلق ب"ينظرون" أي ينظرون : هل جُوزي الكفار؟ فيكون معنى هل ( التقرير ) وموضعها نصباً ب"ينظرون".