وقال الآلوسى :
﴿ إِنَّ الذين أَجْرَمُواْ ﴾ الخ
حكاية لبعض قبائح مشركي قريش أبي جهل والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وأشياعهم جيء بها تمهيداً لذكر بعض أحوال الأبرار في الجنة ﴿ كَانُواْ ﴾ أي في الدنيا كما قال قتادة :﴿ مِنَ الذين ءامَنُواْ يَضْحَكُونَ ﴾ كانوا يستهزؤن بفقرائهم كعمار وصهيب وخباب وبلال وغيرهم من الفقراء وفي "البحر" روى أن علياً كرم الله تعالى وجهه وجمعاً من المؤمنين معه مروا بجميع من كفار مكة فضحكوا منهم واستخفوا بهم فنزلت ﴿ إِنَّ الذين أَجْرَمُواْ ﴾ قبل أن يصل علي كرم الله تعالى وجهه إلى رسول الله ﷺ وفي "الكشاف" حكاية ذلك عن المنافقين وأنهم قالوا ربنا اليوم الأصلع أي سيدنا يعنون علياً كرم الله تعالى وجهه وإنما قالوا استهزاء ولعل الأول أصح وتقديم الجار والمجرور إما للقصر إشعاراً بغاية شناعة ما فعلوا أي كانوا من الذين آمنوا يضحكون مع ظهور عدم استحقاقهم لذلك على منهاج قوله تعالى :﴿ أَفِى الله شَكٌّ ﴾ [ إبراهيم : ١٠ ] لمراعاة الفواصل.
﴿ وَإِذَا مَرُّواْ ﴾ أي المؤمنون ﴿ بِهِمُ ﴾ أي بالذين أجرموا وهم في أنديتهم ﴿ يَتَغَامَزُنَ ﴾ أي يغمز بعضهم بعضاً ويشيرون بأعينهم استهزاء بالمؤمنين وإرجاع ضمير مروا للمؤمنين وضمير بهم للمجرمين هو الأظهر الأوفق بحكاية سبب النزول واستظهر أبو حيان العكس معلللاً له بتناسق الضمائر.


الصفحة التالية
Icon