﴿ قَالَ أَسَاطِيرُ الأولين * كَلاَّ بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ أخبرنا الحسين قال : حدّثنا الفضل قال : حدّثنا أبو الحسن أحمد بن مكرم التربي ببغداد قال : حدّثنا علي المكرمي قال : حدّثنا الوليد بن مسلم قال : سمعت محمد بن عجلان يقول : حدّثني القعقاع بن حكم أن أبا صالح السمّان قال أن أبا هريرة حدّثه أنّه سمع رسول الله ﷺ يقول :" إنّ العبد إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب صُقل قلبه وإن عاد زادت حتى يسوّد قلبه " قال : فذلك قوله سبحانه ﴿ كَلاَّ بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ " وكذا قال المفسرون : هو الذنب على الذنب حتى يسوّد القلب، وقال حذيفة بن اليمّان : القلب مثل الكفّ فإذا أذنب العبد انقبض وقبض أصبعاً من أصابعه ثم إذا أذنب انقبض وقبض إصبعاً أخرى، ثم إذا أذنب انقبض وقبض أصابعه ثم يطبع عليه فكانوا يرون أنّ ذلك هو الرين، ثمّ قرأ هذه الآية.
وقال بكر بن عبد الله : إنّ العبد إذا أصاب الذنب صار في قلبه كوخزة الإبرة ثمّ إذا أذنب ثانياً صار كذلك فإذا كثرت الذنوب صار القلبُ كالمنخل أو كالغربال، وقال الحسن : هو الذنب على الذنب حتى لعله يصديء القلب، وقال ابن عباس : طبع عليها، عطا : غشيت على قلوبهم فهوت بها فلا يفزعون ولا يتحاشون، وقيل : قلبها فجعل أسفلها أعلاها، نظيره قوله سبحانه ﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ ﴾ [ الأنعام : ١١٠ ] وأصل الرين الغلبة، يقال : رانت الخمر على عقله إذا غلبت عليه فسكر، وقال أبو زبيد الطائي :
| ثم إذا رآه رانت به الخم | ر وأن لا يرينه باتّقاء |
وقال الراجّز :| لم نرو حتى هجّرت ورين بي | ورين بالسّاقي الذي أمسّى معي |
معنى الآية غلب على قلوبهم وأحاطت بها حتى غمرتها وغشيتها.